للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَشهرِ الحُرُمِ دليل على جهلِه، والراجحُ أَنَّ الأَشهرَ المذكورةَ فيها غيرُ الأَشهرِ الحُرُمِ التي تَحَدَّثْنا عنها.

لقد ذَكَرَ القرآنُ نوعَيْنِ من الأَشهرِ الأَربعةِ الحُرُم:

النوع الأَول: الأَشهرُ الأَربعةُ الحُرُمُ، التي حَرمَ اللهُ على المسلمينَ البدءَ

بقتالِ الكفارِ فيها، وأَجازَ لهم الرَّدَّ على عدوانِهم، وهي: ذو القعدة وذو

الحجة ومحرم ورجب.

والتي ثَبَّتَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - حُرْمَتَها، ومنعَ النَّسيءَ فيها.

النوع الثاني: الأَشهرُ الأَربعةُ الحُرُم، التي جعلَها الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - مهلةً للمشركين لتَصويبِ أَوضاعِهم وتَرتيبِ أُمورِهم..

حيثُ سيعلنُ الحَرْبَ عليهم بعد انْقضائِها، لتطهيرِ الجزيرةِ العربيةِ من الشركِ والكفر.

وهي المذكورةُ في مقدمةِ سورةِ التوبة.

قالَ تعالى: (

بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) .

وقد كانَ نزولُ مقدمةِ سورةِ التوبة في أَواخِرِ السنةِ التاسعةِ من الهجرة،

حيثُ وَجَّهَ رسولُ اللِّهِ - عليه السلام - أَبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ليحُجَّ بالمسلمين في موسمِ السنةِ التاسعة، وبعدما تَوَجَّهَ أَبو بكرٍ - رضي الله عنه - بالحُجّاجِ إِلى مكةَ أَنزلَ اللهُ على رسولِه - صلى الله عليه وسلم - مطلعَ سورةِ التوبة، بتحديدِ العهودِ بين رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين، وإِعطائِهم مُهْلَةَ أَربعةِ أَشهر، تبدأُ من يومِ عرفةَ من السنةِ التاسعةِ، لترتيبِ أُمورهم، حيثُ سيُعلنُ عليهم الحربَ بعد انقضائِها، لتحريرِ الجزيرةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>