للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُريدُ اللهُ إِهلاكَ النّاس؟

وهل يأْمُرُ مُتَنَعِّميهم بالفسق، لتحقَّ العقوبةُ عليهم وعلى الفقراءِ بينَهم؟

وهلْ يُناسبُ هذا عدل اللهِ وقداستَه وأَمانتَه؟

وكيفَ يُنْسَبُ للهِ الجورُ والفسقُ والظلم؟ ".

وذَكَرَ آياتٍ أُخرى تُناقضُ الآيةَ السابقةَ في نظره.

قال: " ويُناقضُ القرآنُ قولَه السابقَ بقولِه: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ) ، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) .

وقوله: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨) .

ولا تَناقُضَ بينَ آيةِ سورةِ الإِسراءِ والآياتِ الثلاثِ التي أَوردَها، لأَنه

لا تناقُضَ بينَ آياتِ القرآن، وهذه بدهيَّةٌ مُقَرَّرة.

فتتفقُ الآياتُ الثلاثُ مع آيةِ سورةِ الإسراءِ على أَنَّ اللهَ لا يأْمرُ بالفحشاء، ولا يأمرُ بالفسق، ولا يأمرُ بالحرام، ولذلك كَذَّبَ القرآنُ المشركين الذينَ فعلوا الفحشاءَ، وزَعموا أَنَّ اللهَ هو الذي أَمرهم بها، وأَخبرَ أَنه لا يأمُرُ إِلّا بالقسطِ والعدلِ والخير: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) .

أَما آيةُ سورةِ الإِسراءِ فإِنَّ الفادي الجاهلَ لم يفهمْ معناها، ولذلك

خَطَّأَها وأَثار حولَها أَسئلتَه التشكيكيةَ الخبيثة.

إِنَّ الآيةَ تُخبرُ عن سُنَّةٍ ربانيةٍ مطردة، بشأْنِ فسقِ المترفين وبطرِهم،

وتكبرِهم على أَوامرِ ربّهم، ونشرِهم الفسادَ في البلاد، مما يُؤَدّي إِلي العقابِ

والإِهلاكِ والتدمير.

تُخبرُ الآية ُ عن إِنعامِ اللهِ على أَهلِ القريةِ بالمال، وغنى مجموعةٍ منهم،

وتحوُّلِهم إِلى أَغنياءَ مُترفين، ويأمُرُ اللهُ هؤلاء المتْرَفين بعبادتِه وطاعتِه، وتنفيذِ

أَوامره، واجتنابِ مُحَرَّماتِه، لكنهم يَتَكَبَّرونَ على الله، ويرفضونَ طاعتَه،

<<  <  ج: ص:  >  >>