للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: حِفْظُ السماءِ من صُعودِ الشياطينِ إِليها، فالشياطينُ يُريدونَ

الصعودَ إِلى السماءِ الدنيا، لِيَتَسَمَّعوا إِلى الملأ الأَعْلى الذينَ فيها من

الملائكة، لعلَّهم يَسمعونَ منهم كلمةً مما أَمرهم اللهُ بإِنفاذِه في عالَمِ البشر،

فَيهبطون فَوراً إِلى الأَرض، ويُقَدمونَ ما سَمِعوه إِلى أَعوانِهم من الكهنةِ

والسحرةِ والدَّجّالين، فيُخبرونَ الناسَ بذلك، ويوهمونَهم بأَنهم يعلمونَ الغيب.

وحتى لا ينجحَ الشياطينُ في استراقِ السمع، فإِنَّ اللهَ جَعَلَ على السماءِ

حُرّاساً من الملائكة، يَحْفَظونها من الشياطين، وإِذا حاولَ أَحَدُ الشياطين

الاقترابَ من السماءِ قَذَفوهُ بشهابٍ ثاقب من تلك النجومِ والكواكب، بأَنْ

يَأخُذوا قطعةً من النجمِ المُشْتَعِل، فيضربوا بها الشيطان، فيَحترقَ ويَموت!!.

فمعنى قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ) أَنَّ اللهَ يأمرُ الملائكةَ

الحُرَّاسَ على السماءِ الدنيا أَنْ يَأخُذوا رُجوماً وحجارةً وشُهُباً مشتعلةً من

النجوم، ويَرْجُموا ويَرْموا بها الشياطين.

ومعنى قوله تعالى: (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) :

أَنَّ اللهَ حفظَ السماءَ بالنجومِ من كلِّ شيطانٍ مارد، وبذلك

امتنعَ الشياطينُ من التَّسمُّعِ لكلامِ الملائكةِ في الملأ الأَعلى، فإِذَا حاوَلوا

التسمُّعَ فإِنَّ الملائكةَ الحُرّاسَ يَقْذِفونهم بالشُّهُبِ الثاقبةِ من كُلِّ جانب، وإِذا

هَرَبَ شيطانٌ بكلمةٍ خَطَفَها فإِنَّ الحُرّاسَ يَتْبَعونَه ويَرْمونَه بشهابٍ ثاقبٍ من تلك النجومِ فيحترق.

فالآياتُ صريحةٌ في أَنَّ حُرّاسَ السماءِ الدنيا من الملائكة يَرْجُمونَ

الشياطينَ بشُهُبِ ثاقبةٍ مشتعلة من النجوم.

وهذا بَعْدَ نبوةِ محمد - صلى الله عليه وسلم -، أَمّا قبلَ نُبُوَّتِه فلم يكنْ ذَلك، وقد وَرَدَ هذا صريحاً في القرآن، عندما أَخْبَرَنا عن كلَامِ الجِنِّ المؤمنين.

قال تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>