للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومَ السبت، الذي حُرِّمَ عليهم صَيْدُها فيه، حيث كانت تأتيهم على وجْهِ

الماء، وكأَنها شُرَّعٌ تَسيرُ على وَجْهِ الماء، وفي باقي الأَيامِ كانت لا تَأتيهم،

وكانوا يُتْعِبونَ أَنفسَهم في البحثِ عنها في البحرِ لصيْدِها.

واعترضَ الفادي على الآية، وخَطَّأَها، واعتبرها لا تتفقُ مع عَدْلِ الله.

قال: " ومعنى هذا أَنَّ اللهَ أَوصى بني إِسرائيل أَنْ يسْتَريحوا من أَعمالِهم للعبادةِ يومَ السبت، وجَعَلَ الحيتانَ تأتي ظاهرةً يَوْمَ السبت، لإِغرائِهم بصيدها، وتَخْتَفي باقىِ أَيام الأُسبوع ...

فكيف نتصوَّرُ إِلهاً يُجَرِّبُ عبادَه بالشُّرور، ويُسَهِّلُ لهم العصيان بإِظهار الحيتانِ يومَ السبت؟..

مع أَنَّ الإِنجيلَ يَقول: لا يَقُلْ أَحَدٌ إِذا جُرِّبَ إِني أُجَربُ من قِبَلِ الله، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرِّبٍ بالشّرور، وهو لا يُجَرِّبُ أَحَداً، ولكن كلُّ واحِدٍ يُجَرَّبُ إِذا انْجَذَبَ وانْخَدَعَ من شهوتِه ".

يَرى الفادي الجاهلُ أَنَّ اللهَ لا يَبْتَليَ عبادَه ولا يَمتحنُهم ولا يُجَرِّبُهم،

لأَنَّ هذا لا يتفقُ مع عَدْلِه، أَيْ كيفَ يُقَدِّمُ لهم الشرورَ والمغرياتِ، ويُسَهِّلُ

لهم الحصولَ عليها، ثم يمنَعُهم منها ويُحَرِّمُها عليهم؟!.

واعتراضه مرفوض، وكلامُه مردود، فاللهُ خَلَقَ عبادَه وكَلَّفَهم بالتكاليف،

وذلك ليبتَلِيَهم ويمنحِنَهم، ويُجَرِّبَهم ويَختبرَهم، فالتكاليفُ والشرائعُ ابتلاءٌ

من اللهِ لعبادِه..

قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) .

واللهُ يَبْتَلِي عبادَه بالخير، كما يَبْتَليهم بالشَّرِّ، ليَميزَ الخبيثَ من الطَّيِّب.

فالمؤمنُ يشكرُ اللهَ عند الخير والسّرّاء، ويَصبرُ عندَ الشَّرِّ والضرّاء، وبذلكَ

ينجحُ في هذا الابتلاءِ والاختبار.

أَمّا الكافرُ والفاسقُ فإِنه يَطْغى عندَ الخَيْرِ والنعمة.

ويَيْأَسُ عند الشَّرّ والمصيبة، وبذلك يَخسرُ ويَرسبُ في الابتلاءِ

والامتحان.

قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) .

<<  <  ج: ص:  >  >>