للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن تميُّزِ عيسى عندَ ولادتِه بإِبعادِ الشيطانِ عنه، قال: " ونحنُ نسأَلُ:

ما سِرُّ هذه القداسةِ المطلقة والكمالِ الفائق؟

ولماذا لا يَذكرُ القرآنُ للمسيح خَطَأً كما ذَكَرَ لغيرِه من الأَنبياء؟

ولماذا لا توجَدُ في القرآنِ إِشارةٌ إِلى أَنَّ المسيحَ تابَ إِلى الله، ولا أَنَّ اللهَ تابَ عليه، ولا قَدَّمَ استغفاراً، ولا أَنَّ اللهَ غَفَرَ له، كما جاءَ عن سائرِ الأَنبياءِ والرسلِ؟

أَليس لأَنَّ المسيحَ ذاتٌ قدسية، وهو كلمةُ اللهِ وروحُه؟ ".

أَمّا أَنَّ اللهَ أَعاذَ عيسى - عليه السلام - من الشيطان، فهذا صَحيحٌ، لأَنه ذُكِرَ في القرآنِ وفي الحديث.

قالَ اللهُ - عز وجل - عن دُعاءِ أُمِّ مريمَ عند ولادتِها: (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) .

واستجابَ اللهُ دعاءَها، فحمى ابنتَها مريمَ عند ولادتِها من الشيطان.

روى البخاريُّ ومسلمٌ عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: " ما مِنْ مَوْلودٍ يولَدُ إِلّا والشيطانُ يَمَسُّه حينَ يولَد، فيستهلُّ صارِخاً من مَسِّ الشيطانِ إِيّاه، إِلّا مريم وابْنها ".

ثم قالَ أَبو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُم قولَه تعالَى: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) .

وأَمّا أَنَّ عيسى - عليه السلام - لم يرتكبْ معصيةً ولا ذَنْباً، فهذا صحيحٌ أَيْضاً، لأَنه عبدُ اللهِ ونبيُّه ورسولُه، فاللهُ عصمهُ من الأَخطاءِ والذُّنوبِ والمعاصي، ولم يَجعلْ للشيطانِ سُلْطاناً عليه!.

وأَمّا أَنَ الرسُلَ الآخَرين وَقَعوا في الأَخطاءِ والذنوبِ والمعاصي، فهذا

خَطَأٌ وباطل، فكما عَصَمَ اللهُ رسولَه عيسى، كذلك عَصَمَ باقي الأَنبياءِ

والمرسلين، ونَزَّهَهم من الأَخطاءِ والذنوبِ والمعاصي، واصْطَفاهم لنفسِه،

وصَنَعَهم على عينِه، فلم يكنْ للشيطانِ سَبيلٌ ولا سلطانٌ عليهم.

وأَخْطَأَ الفادي في اتهامِه للمرسلين: " ولماذا لم يَذْكُر القرآنُ للمسيحِ

خَطَأً كما ذَكَرَ لغيرِه من الأَنبياء؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>