ولما طَلَبَ الأَقوامُ السابقونَ من رسلِهم آياتٍ ومُعْجزاتٍ أَخبرهم رسلُهم
أَنَّ الآياتِ والمعجزاتِ بيدِ الله.
قال تعالى: (قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٠) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) .
فإِذا كان الرسُل جَميعاً يَعترفونَ أَنهم لا يُمكنُ أنْ يأتوا بالمعجزاتِ من
أَنفسِهم، لأَنَّ اللهَ وَحْدَه هو الذي يَأتيهم بها فكيفَ يَقولُ الفادي المفترِي بأَنه
كان للمسيحِ قدرةٌ مطلقةٌ على الإِتيانِ بالمعجزاتِ بصورةٍ ليس لها مَثيلٌ بين
سائرِ ألأَنبياء؟!
إِنَّ هذا افتراءٌ على القرآن، وكَذِبٌ على المسيحِ - عليه السلام -.
ولما تكلمَ الفادي على معجزاتِ المسيحِ - عليه السلام - في القرآن قَدَّمَ مجموعةً من الافتراءات، ونَسَبَها إِلى القرآن:
أ - زَعَمَ المفترِي أَنَّ القرآنَ نَسَبَ لعيسى - عليه السلام - العلمَ بالغَيْب، وذلك ليَخرجَ بنتيجتِه من أَنَّ المسيحَ إِله، لأَنَّ عِلْمَ الغيبِ خاصٌّ بالله، وبما أَنَّ عيسى يَعلمُ الغيبَ فهو إِله!! قال: " نَسَبَ القرآنُ له العلمَ بالغَيب، وذلك في قولِه: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) .
مع أَنَّ عِلْمَ الغيبِ خاصٌّ باللهِ وَحْدَه: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) ..
علْمُ الغيبِ خاصٌّ باللهِ وَحْدَه، ولا يَعلمُ أَيُّ مخلوقٍ شيئاً من الغيبِ، إِلّا
ما عَلَّمَهُ اللهُ إِياهء قال تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) ،
وقالَ تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) .
فعيسى - عليه السلام - لم يَعْلَمْ شيئاً من الغيبِ إِلّا ما عَلَّمَهُ اللهُ إِياه.
وكانَ من