ما تقدَّمَ من ذنبِه وما تَأَخَّر ...
فيَأتوني فأَنطلقُ، حتى أَستأذنَ على رَبّي، فَيُؤْذَنَ لي، فإِذا رأيتُ رَبّي وَقَعْتُ ساجداً، فيَدَعُني ما شاءَ اللهُ، ثم يُقال: ارْفَعْ رأْسَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسْمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ ".
لم يَخُصّ اللهُ عيسى - عليه السلام - بالشفاعةِ كما ادَّعى المفْتري، إِنما خَصّ بها عبدَه ورسولَه محمداً - صلى الله عليه وسلم.
وارتكبَ الفادي المحَرّفُ جَريمةً نكراء، عندما حَرَّفَ معنى آيةٍ تتحدَّثُ
عن اللهِ رَبِّ العالمين، وجَعَلَها تتحدثُ عن المسيح - عليه السلام -..
قال: " جاءَ في سورةِ السجدةِ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤) .
تَذْكُرُ الآيةُ أَنَّ اللهَ هو الذي خَلَقَ السمواتِ والأَرضَ في ستةِ أَيام، وأَنه استوى على العرش، وتُبَيِّنُ أَنه لا يوجَدُ للناسِ وَلِيٌّ ولا شَفيع من دون الله ".
وقد ادّعى المفترِي أَنَّ الآيةَ خَصَّتْ عيسى - عليه السلام - بالشفاعةِ.
قال: " فلماذا لم يُعْطِ اللهُ سُلْطاناً لأَحَدٍ من البَشَرِ بالشفاعةِ إِلّا المسيح؟
أَليس لأَنه ابْنُ اللهِ المتجسِّدُ، والوسيطُ الوحيدُ بينَ اللهِ والناس؟ ".
آيةُ سورةِ السجدةِ لا تتحدَّثُ عن المسيحِ، وإِنما تتحدَّثُ عن الله، والهاءُ
في (مِنْ دُونِهِ) لا تعودُ على المسيح، وإِنما تعودُ على الله.
والمعنى: ليس للناسِ وليٌّ ولا شفيع من دونِ الله.
وذَكَرَ الفادي المفترِي الكافِرُ باللهِ عبارةً كافرةً فاجرة، جعلَ فيها المسيحَ
ابْناً لله: " أَليس لأَنهُ ابْنُ الله المتجسِّدُ ".
ويؤمنُ المؤمنونَ أَن اللهَ ليسَ له ابْن ولا صاحبة.
حتّى الجنُّ يؤمنون بذلك، وقد أَخْبَرَنا اللهُ عن إِيمانِهم بقولِه
تعالى: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣) .
وكَذَبَ الفادي المفترِي عندَما قال: " والمسيحُ هو الوسيطُ الوحيدُ بينَ اللهِ
والناس " ولقد رحمَ اللهُ النّاس، فلم يجعلْ أَيَّ شَخصٍ وَسيطاً بينَهم وبينَه، لا عيسى ولا محمداً ولا مَلَكاً..
وأَذِنَ اللهُ لأَيّ إِنسانٍ أَنْ يتصلَ به مباشرة، عن طريقِ ذِكْرِهِ وشُكْرِه وعبادتِه ومناجاتِه.