للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلّ المسلمين؟

ما أَعظمَ الفرقَ بين حياةِ المسلمِ الخائِفِ الحائِر، وبينَ حياةٍ

المسيحي، الذي يَشْتَهي أَنْ يَنطلقَ من الدنيا ليكونَ مع المسيح، ويَنتظر يومَ

القيامةِ بفَرَح، حيثُ يَنال إِكليلَ الحياة! ".

لم يَقُل القرآنُ إِنَّ جَميعَ الناسِ سَيَذْهَبونَ إِلى جهنَّمَ، والنتائجُ التي بَناها

الفادي على هذا الزعم باطلةٌ مَردودة، لأَنَّ ما بُنِيَ على الفاسدِ فهو فاسد.

ولا تَتَحدثُ آياتُ سورةِ الحِجْر التي خَطَّأَها الفادي الجاهِلُ عن الأَبرارِ

والأَشرارِ، إِنما تتحدَّثُ عن الأَشْرارِ الغاوِين فقط، الذين اسْتَسْلَموا للشيطان، وتُقَرِّرُ أَنَّ جهنَّمَ موعدُ هؤلاء الغاوين أَجمعين، وتَسْتَثْني الصالحينَ الأَبرار.

والآياتُ وارِدةٌ في سياقِ الحديثِ عن ما جَرى بين آدمَ - عليه السلام - وبينَ إِبليس، وتَعَهُّدِ إِبليسَ بإِغواءِ مَن استجابَ له من بَني آدم.

قال تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (٤٦) .

لا أَدري كيفَ فَهِمَ المفترِي من الآياتِ الواضحةِ الصريحة دُخول الأَبرارِ

والأَشرارِ جهنم، مع أَنها صَريحةٌ في دُخول الكفارِ فَقَطْ جَهَنَّمَ..

إِنَّ الضميرَ المتَصِلَ " هم " في قوله: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) يَعودُ على " الغاوين " في الجملة السابقة: (إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) .

والمعنى: إنَّ جهنَّمَ موعدُ الغاوينَ الذينَ اتَّبَعوك.

ثم إِنَّ الآيات ِ اللاحقةَ صَرَّحَتْ بأَنَّ المتَّقينَ آمِنون في جناتٍ وعيون:

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (٤٦) .

لقد تَعَمَّدَ الفادي المجرمُ أَنْ يُحَرّفَ معنى الآياتِ الواضحِ، وأَنْ يَتْرُكَ

الآياتِ والكلماتِ الصريحة، وأَنْ يَتلاعَبَ بها، ليخرجَ منها بنتيجةٍ خاطئة،

يُخَطِّئُها بها، مع أَنَّها لا توحي بها!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>