للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقبَّلتُها ...

ثم ذَهَبَ إِلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وأَخْبَرَه بما كان، فأَطْرَقَ محمدٌ طويلاً، ثم قالَ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) .

فقالَ: يا رسولَ الله! أَهي لي خاصَّة أَمْ للنّاسِ عامة؟

قال: بل للنّاسِ عامة ".

والذي صَحَّ في نُزولِ الآيةِ ما رواهُ البخاريُّ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَجُلاً أَصابَ من امرأةٍ قُبْلَة، فأَتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ له ذلك، فأَنزلَ اللهُ الآيةَ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) .

تَدُلُّ الحادثةُ على أَنَّ أَحَدَ المسلمين زَلَّتْ قَدَمُه، وارتكبَ ذَنْباً، حيثُ

قَبَّلَ امرأةً قُبْلَةً مُحَرَّمَة، ثم استيقظَ ضَميرُه، وشَعَرَ بِذَنْبِهِ، واستغفَرَ اللهَ، وتابَ إِليه، وأَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَسْلِماً، واضِعاً نَفْسَه بينَ يَدَيْه، ليَحْكُمَ فيه بأَمْرِه.

ولاحَظَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - صِدْقَ الرجلِ في تَوبتِه، وإقلاعَهُ عن ذَنْبِه، وحِرْصَه على الإكثارِ من الحسنات، فأَخبره أَنَّ الحسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئات!!.

وقد صَرَّحَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ آخَرَ أَنَّ الصلواتِ الخمس تُكَفِّرُ الذُّنوبَ، وشَبَّهَها برَجُلٍ يَغْتَسلُ في نَهْرٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ في اليوم.

روى البخاريُّ ومسلمٌ عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أَرأَيْتُم لو أَنَّ نَهْراً ببابِ أَحَدِكم

يَغتسلُ فيه كُلَّ يومٍ خَمْسَ مَرّات، هل يَبقى من دَرَنه شَيءٌ؟ " قالوا: لا يَبْقى من دَرَنهِ شيء.

قال: " فذلك مَثَلُ الصلواتِ الخمسِ يمحو اللهُ بهنَّ الخَطايا ".

وروى مسلمٌ عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: " الصلواتُ الخمسُ، والجمعةُ إِلى الجمعةِ، كَفَّارَةٌ لما بينهنّ، ما لم تُغْشَ الكَبائِر ".

وقد رَفَضَ الفادي ما قَرَّرَتْه الآية، وما أَكَّدَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وطَرَحَ حولَها أَسئلتَه التشكيكيةَ، فقالَ: " ونحنُ نَسألُ: كيفَ يَقترفُ الناسُ الشُّرور، ثمَّ يُكَفِّرونَ عنها بالصلواتِ الخمس؟

أَلا يُنافي هذا قداسة اللهِ وعَدْلَه؟

فإنه لا يُمكنُ التكفيرُ عن الخطيئةِ إِلّا بَسَفْكِ دَمٍ، كقولِ الإنجيلِ: " بدون سَفْكِ دَمٍ لا تَحْصُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>