والذين تَأَثَّروا بالقرآنِ عندما سمِعوه، وفاضَتْ أَعْيُنُهم من الدَّمْع، وأَعْلَنوا
إِيمانَهم بالقرآنِ وبالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا ما صَرَّحَتْ به الآياتُ التي بَعْدَ تلك الآية:
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) .
ولا تَتَحَدَّثُ الآياتُ عن النَّصارى الأَعداءِ المقاتلين الصليبيّين، الذين
جَهّزوا الجيوشَ وغَزَوا بلادَ المسلمين، وسَفَكوا دِماءَهم! كما أَنها لا تتحدَّثُ
عن النَّصارى الذين حارَبوا القرآن، وشَكَّكوا فيه، وخَطَّؤُوه، وَذمّوه وانتهكوه، من أَمْثالِ هذا الفادي المُعادي!.
وقد جَعَلَ الفادي عنوانَ سُؤالِه الواحِدِ بَعْدَ المئة: " بلادُ العَرَبِ
للمسيح "! وهو عنوانٌ خطيرٌ مُثير، سَجَّلَ فيه الفادي اَمالَه في أَنْ تكونَ بِلادُ
العَرَبِ للنَّصارى، بأَنْ يَتَنَصَّرَ أَهْلُها!.
وقالَ المفترِي في كلامِه: " انتشرت المسيحيةُ في بلادِ العَرَب، ودَخَلَتْ
قبائِلُها فيها، حِمْيَرُ وغَسَّانُ ورَبيعُ ونَجرانُ والحيرة، وكان بعضُ العربِ
حاضِرين عيدَ الخمسين في أُورشليم، فحملوا أَخبارَ المسيحيةِ لبلادِهم ...
فلماذا اضطهدَ المسلمون المسيحيّين، فَقَتَلوا بعضَهم، وأَجبروا بعضَهم على
الإِسلام، ونَفَوا الباقين؟ ".
وكلامُ الفادي غيرُ صَحيح، فلم تَنْتَشر النصرانيةُ في بلادِ العَرَب، ومعظمُ
القبائلِ العربيةِ لم تَتَنَصرْ، وبَقِيَتْ على وثنيتِها، والذين تَنَصروا بعضُ القبائلِ
العربية على أَطْرافِ بلادِ العَرَب، مثلُ نجران في منطقةِ تهامة والغساسنةِ في
شمالِ الجزيرة على حدودِ الشام والرومان، والمناذرةِ على حُدودِ فارس.
ولما جاءَ الإِسلامُ، وجاهَدَ المسلمونَ الكافِرين، وفَتَحوا بلادَ الشامِ