فقد روى البخاريُّ ومسلمٌ عنه - صلى الله عليه وسلم - أَنه قال: " مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبرٍ من الأَرض، طُوقَهُ من سَبْعِ أَرَضين "..
وفي روايةٍ أُخرى: " خُسِفَ به إِلى سبعِ أَرَضين ".
وقد يُفْهَمُ الحديثُ على أَنه من بابِ الترهيبِ من الظلم وتهديدِ الظالمِ
بالعذاب، وقد يُؤْخَذُ الحديثُ على ظاهرِه، ويُعْتَبَرُ دَليلاً على أَنَّ الأَرضَ هي
سبعُ أَرضين.
وإِذا قُلْنا بأَنَّ الأَرضَ سبعُ أَرَضين، فهي سَبْعُ أَرَضينَ متصلةٌ ببعضِها،
ليس بينها فَراغ، أَمّا السمواتُ فهي سبعُ طبقاتٍ منفصلَة، بين كُل سماءٍ وسماءٍ مسافةٌ بعيدة لا يَعلمُها إِلا الله.
وبهذا نَعرفُ خطأَ وجهلَ القسيس الفادي، عندما اتَّهَمَ القرآنَ بالقولِ إِنَّ
الأَرَضين السبعَ هي سبعُ كُراتٍ أَرضيةٍ مستقلة، مثلُ كرتنا الأَرضيةِ التي نحنُ
عليها!.
واعترضَ الجاهلُ أيضاً على القرآنِ في إِخبارِه أَنَّ اللهَ هو الذي يمسكُ
السماءَ لئلَّا تقعَ على الأَرض، وذلك في قوله تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) .
وسَجَّلَ اعتراضَه في قوله: " ونحنُ نتساءَل: كيفَ يَقولُ عن الفَضاءِ
المتسامي سُمُوّاً لا مُتَناهي فَوقَنا: إِنه سَقْفٌ أَمْلَس قابلٌ للسقوط؟
..!.
واعتراضُه على القرآنِ دَليلُ جهْلهِ، ولم يُخطئ القرآنُ في إِخبارِه عن هذه
الحقيقة، وهَدَفُ الآيةِ تقريرُ حقيقةِ أَنَ كُلَّ شيءٍ في الكونِ إِنما يتمُّ بأَمْرِ الله،
وأَنَّ اللهَ هو الذي يُدَبِّرُ أَمْرَ الكونِ وما فيه، فهو سبحانه الذي خَلَقَ الأَرضَ
والسماء، وهو الذي جَعَلَ السماءَ فوقَ الأَرض، وهو الذي جعلَ الكواكبَ
والنجومَ في الفضاء، وحَدَّدَ لكل منها سَيْرَه ومدارَه ومكانَه.
وهذا واضح في الآية: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٦٥) .