ولا يَعْنينا اختلافُ القبائلِ العربيةِ الجاهليةِ في وَقْتِ الحَجِّ ومكانِه، فقد
كانوا في الجاهلية يَخْتَلفون في كُلِّ شيء.
إنما يَعنينا تقريرُ حقيقةٍ إسلاميةٍ تشريعية، وهي أَنَّ اللهَ هو صاحبُ الحكْمِ
والتشريع! فالأَوامرُ والتَّشريعاتُ من عند الله، أَمَرَ بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَشْرَعْها ويَبْتَدِعْها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم.
إِنَّ اللهَ هو الذي حَدَّدَ مكانَ الحَجِّ وزَمانَه وأفعالَه..
وكان الفادي كاذِباً مفترياً عندما زَعَمَ أَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - هو الذي فَعَلَ ذلك! قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) .
واللهُ هو الذي شَرَعَ الحَجَّ منذُ أَيامِ إِبراهيمَ - عليه السلام -.
قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) .
وكم كانَ الفادي مُفْتَرياً ومُجْرِماً عندما قال: " ونحنُ نَسْأَلُ: أَليسَ هذا
ْالقولُ هو من الأَدِلَّةِ على أَنَّ ديانَتَه هي من مُشْركي العرب؟ ".
وهذا الذي يُريدُ المجرمُ أَنْ يَصلَ إِليه، فهو يَرى أَنَّ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - ليس رسولَ الله، وأَنَّ القرآنَ ليس كلامَ الله، وأنَّ الإِسلامَ ليس دينَ الله، وإِنما أَخَذَهُ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - من المشركين الذينَ حولَه!.
وقد كانَ القرآنُ واضحاً صَريحاً في تَقْريرِ حقيقةِ أَنَّ الإِسلامَ هو الدينُ
الذي ارْتَضاهُ اللهُ لنا، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) .
واعترضَ الفادي على الأَمْرِ بالتزوُّدِ للحَجِّ، فقال: " إِنَ باقي الآيةِ يَقول:
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) .
وسببُ هذا أَنَّ أُناساً من أَهْلِ اليمن كانوا يَخْرُجون للحَح من غيرِ زادِ، ويقولون: نحن متوكِّلون.