وأُعجبَ الفادي بكلامِ أَبي الفِداء، وَوَظَّفَهُ دَليلاً على اتِّهامِ الإِسلام، بأَنَّه
أَرضيّ بَشَرِيٌّ، وليسَ تشريعاً من عندِ الله، وعَلَّقَ عليه بسؤالِه المثيرِ الخطير:
" لماذا اقتبس المسلمونَ نظامَ صَلَواتِهم من الصّابِئِين؟ ".
كلامُ أَبي الفِداءِ غيرُ صحيح.
ولا أَدْري من أَيْنَ أَخَذَ كَلامَه، وعلى أَيِّ مَصْدَرٍ اعتمد، المهمُّ أَنه لم يأخُذْه من حديثٍ صحيحٍ مرفوعٍ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
ولا من قولٍ صحيحٍ لصحابي أَو تابعيّ.
فليس صحيحاً أَنَّ الصابئين يُصَلّونَ سَبْعَ صلوات، وأَنَّ صَلاتَهم كصلاةِ
المسلمين، وها هم الصابِئون " الميدانيّون " موجودون في العراق، اسْأَلوهم عن عَدَدِ وكيفيةِ صَلاتِهم، إِنْ كانَ في دينهم صلاةٌ أَصْلاً!.
وهذا معناهُ أَنَّ المسلمينَ لم يَأَخُذوا صلاتَهم عن الصابئين أَو غيرِهم،
وأَنَّ الصلاةَ الإِسلاميةَ ليستْ تَقْليداً وثنيّاً كما زَعَمَ هذا الكاذِبُ المفترِي.
الصلاةُ ركنٌ من أَركانِ الإِسلام، واللهُ هو الذي أَمَرَ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - بها، منذُ أَيامِ الدعوةِ الإِسلاميةِ الأُولى في مكة، وفي ليلةِ المعراج أَمَرَ اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - بخمسِ صَلَواتٍ في اليومِ والليلة، وهُنَّ خمْس صلواتٍ في العَدَدِ، ولكنهنَّ خُمسونَ صلاةً في الأَجْر، وثَبَتَ هذا عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فى الصحيحين وغيرهما من كُتُبِ السنن.
واللهُ هو الذي حَدَّدَ مواقيتَ الصلوات، وأَشارَ إلى هذا قولُه تعالى:
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (٧٨) .
وبَعَثَ اللهُ جبريلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وحَدَّدَ له وَقْتَ كُلِّ صلاةٍ
من الصلواتِ الخَمْس، بدايةً ونهايَة..
واللهُ هو الذي حَدَّدَ للرسولِ - صلى الله عليه وسلم - كيفيةَ
كُل صلاة، أَفعالَها وأَقوالَها وأَذكارَها وحَركاتِها، وأَركانَها وسُنَنَها وهيئاتِها..
وأَمَرَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أَنْ يُصَلّوا مثْلَ صلاته، فقال: " صَلّوا كما رأيتُموني أُصَلّي ".
إِنَّ كُلَّ ما يتعلَّقُ بالصلاةِ من قولٍ أَو فعل أَو حركةٍ من الله، أَوحى به