للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلماذا يقول: إِنَّ الرعدَ هو أَحَدُ الملائكة؟ ! " (١) .

لم يكن الفادي أَميناً في النقلِ عن البيضاوي.

حيث أسقط من كلامِه قِسْماً مُهِمّاً، وأَبْقى قِسْماً يوافقُ هدفَه في تخطئةِ القرآنِ.

قالَ البيضاويُّ: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) : أَيْ: يُسَبحُ سامعوه.

(بِحَمْدِهِ) : ملْتَبِسين به، فيضجّونَ بسبحانَ اللهِ والحمد لله أو يدلُّ الرعدُ بنفسِه على وحدانيةِ الله وكمالِ قدرتِه، ملْتَبِساً بالدلالةِ على فضْلِه ونزولِ رحمتِه ...

هذا هو رأيُ البيضاويِّ في معنى تسبيحِ الرعدِ بحمدِ الله، فإِمّا أَنْ يكونَ

المعنى أَن الناسَ الذين يَسمعونَ الرعدَ يُسَبّحونَ الله، ويكونُ تسبيحُهم ملْتَبِساً ومقروناً بحمدِ الله، فيقولون: سبحانَ الله والحمدُ الله، وإِمّا أَنْ يكونَ صوتُ الرعدِ دالّاً على وحدانيةِ اللهِ وكمالِ قُدرتِه، ملْتَبِساً بالدلالةِ على فَضلِ اللهِ ونزولِ رحمتِه.

وهذا هو التفسيرُ الصوابُ لتسبيحِ الرعدِ بحمدِ اللهِ، وهو الذي يَقولُ به

البيضا وي.

وبعدما قَرَّرَ البيضاويُّ التفسيرَ الصوابَ أَرادَ أَنْ يذكُرَ قولاً آخَرَ هو عنده

مرجوح، فأَوردَ روايةً عن ابنِ عباس رفعَها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ذَكَرَ فيها أَنَّ الرعدَ أَحَدُ الملائكةِ، يسوقُ السحابَ وهو يَذْكُرُ اللهَ ويسبِّحُه.

ونَسَبَ الفادي إِلى البيضاويِّ روايةً لم يوردْها في تفسيرِه، وهي التي

أَخرجَها الترمذيُّ في سننهِ، والتي فيها جوابُ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - لسؤالِ اليهودِ عن أَنَّ الرعْدَ أَحَدُ الملائكة، وصوتُ الرعدِ هو صوتُ الملَكِ يَزجُرُ به السحاب.

هذه الروايةُ لم تُذْكَرْ في تفسيرِ البيضاوي، وكان الفادي مفترياً عندما

زَعَمَ وُجودَها في تفسيره.

لم يذكر القرآنُ أَنَّ الرعْدَ مَلَكٌ يُسَبِّحُ اللهَ بلسانِه، - وأَنه يسوقُ السحاب،

ويَصْرُخُ فيه ويَزْجُرُه، وهذا الزجْرُ والصراخُ هو الصوتُ الذي نسمعُه منه!.


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
٧١- الرعد ملك من الملائكة
إن فى القرآن أن الرعد يسبح الله. وإن فى الأحاديث النبوية أن الرعد ملك من ملائكة الله. ونحن نعلم أن الرعد هو الكهرباء الناشئة عن تصادم السحاب فكيف يكون الرعد ملكاً؟
الرد على الشبهة:
إن المؤلف لا ينكر تسبيح الرعد لله؛ وذلك لأن فى التوراة أن الرعد يسبح لله. وكلُّ شىء خلقه؛ فإنه يسبحه. وإنما هو ينكر كون الرعد مَلَكاً. فمن أكّد له أن الرعد ملك؟ ليس فى القرآن أنه ملك. والأحاديث النبوية تذكر أن للرعد ملكًا؛ وليس أن الرعد ملك، والفرق واضح. ففى التوراة عن التسابيح لله: " شعب سوف يُخلق؛ يسبح الرب "؛ يقصد شعب محمد صلى الله عليه وسلم [مزمور ١٠٢: ١٨] ،وفى سفر الزبور: " تسبحه السموات والأرض والبحار وكل ما يدب فيها " [مز ٦٩: ٣٤] . وفى سفر الزبور: " سبحوا الرب من السموات، سبحوه فى الأعالى، سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا كل جنوده، سبحيه يا أيتها الشمس والقمر، سبحيه يا جميع كواكب النور، سبحيه يا سماء السموات، ويا أيتها المياه التى فوق السموات. لتسبح اسم الرب. لأنه أمر فخُلقت، وثبتها إلى الدهر والأبد. وضع لها حداً فلن تتعداه.
سبحى الرب من الأرض يا أيتها التنانين وكل اللجج. النار والبرد. الثلج والضباب. الريح العاصفة كلمته، الجبال وكل الآكام، الشجر المثمر وكل الأَرز. الوحوش وكل البهائم، الدبابات والطيور ذوات الأجنحة. ملوك الأرض وكل الشعوب، الرؤساء وكل قضاة الأرض. الأحداث والعذارى، أيضًا الشيوخ مع الفتيان. ليسبحوا اسم الرب؛ لأنه قد تعالى اسمه وحده. مجده فوق الأرض والسموات " [مزمور ١٤٨] .
وفى الأناجيل الأربعة: " يسبحون الله بصوت عظيم " [لوقا ١٩: ٣٧] ، " وهم يمجدون الله ويسبحونه " [لو ٢: ٢٠] ، " وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين: المجد لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة " [لو ٢: ١٣] ، وكان عيسى - عليه السلام - يسبح الله تعالى مع الحواريين. ففى مرقس: " ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون " [مر ١٤: ٢٦] ، وفى متى: " ثم سبّحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون " [متى ٢٦: ٣٠] . ومن يسبح الله كيف يكون هو الله أو إله مع الله؟.
وفى القرآن الكريم: (سبح اسم ربك الأعلى) (١) ، وفى الزبور: " سبحوا اسم الرب. سبحوا يا عبيد الرب " إلى أن قال: " كل ما شاء الرب صنع فى السموات وفى الأرض. فى البحار وفى كل اللجج. المصعد السحاب من أقاصى الأرض. الصانع بروقا للمطر. المخرج الريح من خزائنه (٢) .. " [مز ١٣٥] . اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>