قالَ ابنُ كثير عن روايةِ الشعبيِّ بعد أَنْ أَوْرَدَها بإِسنادَيْن: " وهذانِ
الإِسنادان يَدُلّانِ على أَنَّ الشعبيَّ حَدَّثَ به عن عمر، ولكن فيه انْقطاعٌ بينَه
وبينَ عمر، فإِنَّه لم يُدْرِكْ زَمانَه، واللهُ أَعلم ".
وقال عن إسنادِ روايةِ قتادة: " وهو أَيضاً منقطع ".
وإِذا كانت هذه الروايةُ منقطعةَ الإِسنادِ، فهي ضعيفةٌ مردودةٌ لم تَصح،
وبما أَنها مردودة، فإِنَّ تَساؤُلاتِ الفادي المفترِي عليها داحِضةٌ زائفة، وهو
مُجرمٌ مفترٍ، متحامِلٌ خَبيث، عندما قال: " والأَغْرَبُ من هذا أَنَّ محمداً يَنتحلُ أَقوالَ عُمَر ويقول: هكذا أُنزلَتْ!!.
والروايةُ الصحيحةُ في سببِ نُزولِ قولِه تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨) .
تُصَرِّحُ بأَنَّ الحادثةَ جَرَتْ بينَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود.
روى أَحمدُ والطبرانيُّ والبيهقيُّ عن ابنِ عباس - رضي الله عنهما - قال: حَضَرَتْ عصابة من اليهودِ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً، فقالوا: يا أَبا القاسم! حَدّثْنا عن خِلالٍ نسأَلُكَ عنهنّ، لا يعلمهنَّ إِلّا نبيّ.
قال: سَلُوني عما شِئْتُم.
ولكن اجْعَلوا لي ذِمَّةَ الله، وما أَخَذَ يعقوبُ - عليه السلام - على بَنيه، لئنْ حَدَّثْتُكُم شيئاً فعرفْتُموه، لَتُتابِعُنّي على الإِسلام!.
قالوا: فذلكَ لك.
قال: فَسَلوني عما شئْتُم.
فسأَلوهُ أَربعةَ أَسئلة، وأَجابَهم عليها، ووَافَقوهُ على الجَواب، وشَهِدوا
أَنه جَوابٌ صَحيح.
ولكنَهم تَهَرَّبوا من تنفيذِ ما وَعَدوهُ به - كعادتهم - وأَثاروا مشكلةً جديدة،