لا أَدري أَينَ ذهبَ عَقْلُ هذا الفادي المفترِي وهو يكتبُ هذا الكلام؟!.
خامساً: ماذا أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتب الفرس؟ :
ادَّعى الفادي المجرمُ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ كَثيراً من القرآنِ من كتب الفرس، وأَنه سَمِعَ قَصَصَ ملوكِ الفرسِ وعَقَائِدَهُمْ من الناسِ حولَه، ثم أَلَّفَ منها قرآنَه.
قالَ المجرم: " ومن المعلوم أَنَ الفرسَ كانوا مُتَسَلِّطينَ على كثيرٍ من
قبائلِ العرب، قبلَ مولدِ محمدٍ وفي عصره، فانتشرَتْ قَصصُ ملوكهِم
وعقائِدُهُمْ وخرافاتُهم بين العرب، فتركَتْ تأثيرها على محمد، وَدوَّن منها
الشيءَ الكثيرَ في قرآنِه ".
ومَن الذي اكتشفَ محمداً - صلى الله عليه وسلم - وهو يَسطو على قَصصِ الفرسِ ويَضَعُها في قرآنِه، كما يَدَّعي الفادي المجرم؟
إِنه الزعيمُ القرشي " النَّضرُ بنُ الحارث "!
قالَ المجرم: " يَشهدُ القرآنُ أَنَّ النَّضْرَ بنَ الحارث كان يُعَيِّرُ محمداً بأَنه ناقلُ
أَقوالِ الفرس، ولم يأخُذ من الوحيِ شيئاً ...
وكان النَّضرُ بنُ الحارث يُحَدِّثُ الناسَ عن أَخبارِ ملوكِ الفرس، ثم يقول: واللهِ ما محمدٌ بأَحسنَ حَديثاً منّي، وما حديثُه إِلّا أَساطيرُ الأَولين، اكتتَبَها كما اكْتَتَبْتُها..
فردَّ عليه محمدٌ في قرآنِه بقولِه: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) .
وجعل يسب النضر قائلاً: (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨) ".
يُصَرّحُ المجرمُ في الفقرةِ السابقةِ أَنَّ القرآنَ ليسَ وحياً من عندِ الله، وإِنما
هو من صياغةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قالَ: " فَرَدَّ عليه محمدٌ في قراَنِه بقولِه: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) ".
أَيْ أَنَّ هذه الآيةَ من سورةِ القلمِ من تأليفِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، هو الذي صاغَها وَوَضَعَها في سورةِ القلم.
وسَجَّلَ المجرمُ آيتَيْن من سورةِ الجاثية اعتبَرَهما " سَبَّاً " صاغَهُ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وشَتَمَ به النَّضْرَ بنَ الحارِث، وَوَضَعَهُ في السورة.
وصَدَّق المفترِي افتراءَه، وجعلَه حقيقةً يَقينيَّة، ورَتَّبَ عليه نتائجَ اعتبرها