وَرَقَةُ حَنيفٌ مُوَحِّد، يَعرفُ النبوةَ والأنبياء، لذلك عَرَفَ أَنَّ اللهَ بَعَثَ
محمداً رسولاً نبياً - صلى الله عليه وسلم -، وأَنزل عليه الوحيَ، وأَنَّ جبريلَ الذي أُنزلَ عليه هو الذي أَنزلَه اللهُ على كُل نبيٍّ قبلَه..
وأَخبرَ ورقةُ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أَنْ قُريشاً
سيُخرجونَه من مكة، وسيُعادونَه ويُحاربونَه، لأَنَّ الأَقوامَ السابقين عادوا
أَنبياءَهم وحارَبوهم، وتمنّى لو كانَ في شبابِه وقُوَّتِه لينصُرَه ويؤَيدَه ويكونَ معه، وَوَعَدَه أَنْ يَدخلَ في دينِه إِنْ أَدركَه وبقيَ حَيّاً، لكنَّه سرعانَ ما توفي!.
أَيْ أَنَّ ورقةَ أَيقنَ أَنَّ محمداً هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتمنّى لو دَخَلَ هو في الإِسلام، وكان يَنْوي ذلك، لكنَّه ماتَ قبلَ أَنْ يبدأَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة.
ب - زيد بن عمرو ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ادعى الفادي المجرمُ أَنَّ قُريشاً نَفَوا زيدَ بنَ عمرو، فأَقامَ في غارِ حراء،
وهناك كانَ يجتمعُ به محمد - صلى الله عليه وسلم -، فعلَّمَه زيدٌ القرآن!! قالَ الفاجرُ فَضَّ اللهُ فاه:
" وأَما زيدُ بنُ عمرو فلم يدخُلْ في يهوديةٍ ولا نصرانية، وفارَقَ دينَ قومِهِ،
فاعتزلَ الأَوثانَ، ونهى عن قتْلِ الموءودةِ، وقال: أَعبدُ رَبَّ إِبراهيم، ونادَى
قومَه بعيبِ ما هم عليه، وكان يَجهرُ في الكعبةِ بمبادئِه، فطردَه عَمُّه خَطَّاب من مكة، وأَلزمَه أَن يُقيمَ على جبلِ حراء أَمامَ تلك المدينة، ولم يَأذَنْ له بالدخولِ إِلى مكة..
وكان محمدٌ يَذهبُ إِلى جبلِ حِراء، ويَصرِفُ هناكَ شهراً كُلَّ سنة،
حَيثُ طبعَ زيدٌ على محمدٍ في ذلك الغارِ أَكبرَ أَثَرٍ في أَفكارِهِ وتوجيهِه ".
ما ادَّعاهُ المجرمُ غيرُ صَحيح، فلم تَنْفِ قريشٌ زيدَ بنَ عمرو من مكة،
ومن ثَمَّ لم يكنْ مُقيماً في غارِ حِراء، فقد كانَ مُقيماً في مكَّة، ويتجوَّلُ فيها،
ويَجلسُ عند الكعبة، ويَنشُدُ الأَشْعار، ويَنطقُ بالأَقوال في عَيْبِ الشركِ بالله، والجهرِ بتوحيدِ الله، وكانوا يَسمعونَه ولا يهتَمُّون به.
ولم يَلْتقِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بزيدِ بنِ عمرو في غارِ حِراء، كما ادعى المجرمُ، وماتَ زيدُ بنُ عمرو قبلَ بعثةِ رسولِ الله - عليه السلام -، والذي أَدرك النبوةَ هو ابنُه