للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآياتِ من سورةِ طه.

ولا نَعرفُ نحنُ شيئاً عن بدايةِ أَمْرِه، ولا عن علْمِه ومهارتِه، ولا عن نهايتِه، كلُّ ما أَشارَ إليه القرآنُ أَنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - عاقَبَه بقوله:

(فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ) .

ونفهمُ من هذه الإِشارةِ أَنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - عاقَبَ السامريَّ على جريمتِه بطرْدِه، وإخراجِه من بينِ بني إِسرائيل، ونَبْذِه، فذهبَ مَنْبوذاً مَطْروداً ...

ولا نعرفُ كَيفَ كَانتْ وفاتُه ونهايتُه!.

وقد اعترضَ الفادي على هذا، وخَطَّأَ القرآنَ في حديثهِ عنه.

وذلك في قولهْ " ونحنُ نسأل: السامرةُ مدينةٌ في فلسطين، لم يكن لها وجودٌ لَمّا خرجَ بنو إِسرائيل من مصر، وسافَروا في سيناء، فعملَ لهم هارونُ العجلَ الذهبيَّ كطلبِهم، فكيفَ نَتَخيَّلُ سامريّاً يصنعُ لهم العجلَ قبلَ أَنْ يكونَ للسّامريّين وجود؟ ! " (١) .

يَربطُ الجاهلُ بين السّامريِّ والسامريّين والسّامرة.

وأَرضُ السامرةِ هي منطقةُ نابلس المعروفةُ حاليّاً، ويَدَّعي الفادي أَنها لم تُسَمَّ السامرةَ إِلّا بعدَ أَنْ أَقامَ فيها السّامريّون، وهم طائفةٌ معروفةٌ من بني إِسرائيل، وسُمُّوا السّامريّين بعدَ وفاةِ موسى - صلى الله عليه وسلم - بقُرون.

وبما أَنَّ السّامريَّ ابْنُهم - حسبَ فهم الفادي القاصِر - فكيفَ يكونُ موجوداً مع موسى - صلى الله عليه وسلم - في سيناء؟

وكيف يولَدُ الابنُ قبلَ أَبيه وجَدِّه؟

إِذَنْ أَخطَأَ القرآنُ عندما اتَّهَمَ السامريَّ بصنْعِ العجل، وذهبَ

القرآنُ إِلى أَنَّ السامريَّ الابنَ خُلِقَ وعاشَ قبلَ مولدِ أَبيهِ وجَدِّه!!.

لقد كان السامريُّ مع بني إِسرائيلَ عندما كانوا في سيناء، ويبدو أَنه

إِسرائيليّ خرجَ معهم من مصر، لكنه كان إِسرائيليّاً كافراً، مثلَ قارونَ الذي

تحدَّثْنا عنه قبلَ قليل، ولذلكَ صنعَ لهم العجل ودَعاهم إِلى عبادته.

وبما أَنَّ " السامريَّ " إِسرائيليّ، كانَ معهم في مصر، فاسْمُه إِسرائيلي،

والكلمةُ إِسرائيلية، ولها معنى في اللغةِ العبريّة، ولهذا الاسمِ وجودٌ عند

الإِسرائيليّين، سواء كان اسْمَ شخصٍ أَو اسمَ قبيلة!!.


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
٧٧- العجل الذهبى من صنع السامرى
إن مدينة السامرة فى فلسطين لم يكن لها وجود لما خرج بنو إسرائيل من مصر، مع موسى، وسكنوا أرض سيناء. وفيها عمل لهم هارون العجل الذهبى كطلبهم. فكيف نتخيل سامرياً يضع لهم العجل قبل أن يكون للسامريين وجود؟
الرد على الشبهة:
١ - إنه ليس فى فلسطين مدينة تسمى بمدينة السامرة. وإنما كان للسامريين مملكة فى فلسطين، عاصمتها " نابلس " المسماة قديماً " شكيم " وكانت هذه المملكة مكونة من عشرة أسباط. وكان للسبطين مملكة فى فلسطين عاصمتها " القدس " المسماة قديماً " أورشليم ".
٢ - ولما صعد موسى عليه السلام إلى جبل الطور وتلقى التوراة، نزل فوجد اليهود يعبدون عجلاً جسداً له خوار. فسأل عن ذلك فدلوه على من أغراهم بعبادتهم. فأمسك به وسأله (ما خطبك يا سامرى) أى ما هذا الذى فعلته أيها المضل؟ لأن كلمة (سامرى) تطلق على المضل. ولا تطلق على شخص كاسم من الأسماء.
وبهذا المعنى لا يكون الذى أضلهم رجل مسمى بالسامرى، حتى يتوجه الإشكال. وإلا يلزم أن يكون السامرى من أسماء المسيح عيسى - عليه السلام - فإن اليهود قالوا له: " إنك سامرى، وبك شيطان " [يو ٨: ٤٨] . اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>