إِنَّ النزغَ هو الدخولُ للإفساد.
يقال: نَزَغَ بينهم.
أَي: دَخَلَ بينَهم ليُفْسِدَ صِلاتهم وعلاقاتِهم.
والشيطانُ حريصٌ على أَنْ يَنزغَ ويُفسدَ العلاقاتِ بين الناس، قال تعالى:
(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) .
وقد صوَّرَ الفادي الملعونُ الشيطانَ مسيطراً على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ينزغُهُ ويَدفعُه أَمامَه، وهو مستسلمٌ له، وهذا معناهُ أَنَّه ليسَ نبيَّاً! وأَنَّ ما عندَه من القرآنِ ليسَ من عندِ الله، وإنما من وحْي الشيطان ونزغاتِه ووساوسِه!!.
ومن المعلومِ بَدَاهَةً أَنه لا سُلطانَ للشيطانِ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا غيرِه من الأنبياء، فاللهُ عَصَمَهم وحَفِظَهم، وحَماهُم من الشيطانِ ونزغاتِه ووساوسِه.
الخطابُ في قولِه تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)
للرسولِ - صلى الله عليه وسلم - في ظاهره، ولكنَّه ليس المقصودَ منه، لأَنَّ اللهَ حماهُ منه، وإنما المقصودُ كلُّ مسلمٍ من بعدهِ، يُعَلِّمُه الله كيفيةَ التخلصِ من وساوسِ الشيطانِ ونزغاتِه، وذلك بأَنْ يستعيذَ باللهِ ويلجأَ إِليهِ.
وكثيراً ما كانَ اللهُ في القرآنِ يُخاطبُ المسلمين من خلالِ خطاب الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقول: (يا ايُّهَا النَّبيُّ)
والمقصودُ بذلك أُمَّتُه، يوجِّهُهم أَو يأمُرُهم أَو يَنهاهم.
ومن خصوصياتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التي خَصَّهُ اللهُ بها، أَنَّ اللهَ جعلَ شيطانَه يُسلم.
فقد روى البخاريُّ عن عائشةَ - رضي الله عنها -: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: " كُلُّ إِنسانٍ وَكَّلَ اللهُ به شيطاناً.
قالت: حَتى أَنتَ يا رسولَ الله؟
قال: حتى أنا، ولكنَّ اللهَ أَعانَني عليه فأَسلمَ فلا يأمُرُني إِلّا بخير "!.
شيطانُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلم، وبذلك صارَ لا يأمره إِلّا بخَيْر، وذهبَتْ نَزغاتهُ ووساوسُه الشريرة.
وهذا كخصوصية عِيسى ابنِ مريم - عليه السلام - حيثُ حَماهُ الله من الشيطانِ عند ولادتِه، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مولودٍ يولَدُ ينخَسُه الشيطانُ حينَ ولادتِه،