قولَه تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) .
فقال ابنُ أَبي السَّرْحِ مُتَعَجِّباً من تفاصيلِ خَلْقِ الإِنسان: " تبارك الله
أحسن الخالقين ".
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اكْتُبْهَا فهكذا أُنزلَتْ.
فشكَّ عبدُ الله بنُ أَبي السَّرْح، وقال: لئن كان محمدٌ صادقاً لقد أُوحيَ إِليَّ كما أُوحيَ إِليه، ولئن كانَ كاذباً لقد قُلْتُ كما قال.
ونقلَ الفادي أَنَّ عبدَ اللهِ بن سعدٍ كان يقول بعدما ارتَدَّ: كنتُ أَصْرِفُ
محمداً حيثُ أُريد.
كان يُملي عَلَيَّ: " عَلِيّ حكيم " فَأَكتبُ " عَزيز حكيم ".
فيقول لي: اكتبْ كيفَ شِئْتَ، فكلّ سواء.
قال الفادي المجرم: ولما فَضحَ هذا الكاتِبُ محمداً، أوردَ في القرآنِ قولَه: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) ؟.
صحيح أَنَّ عبدَ اللهَ بنَ أَبي السَّرْح ارتَدَّ عن الإِسلام، ولجأَ إِلى قريشِ
في مكة، لكنَّ الحادثةَ التي أَوردَها الفادي غيرُ صحيحة، وإِنما هي باطلَة
مردودة، فلم يَقُلْ: (تبارك الله أحسن الخالقين) .
ولمَ يأمُرْه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكتابتِها بعدَ أَنْ نَطَق بها.
ولقد كانَ الفادي الغبيُّ جاهِلاً عندما اعتمدَ على روايةٍ باطلةٍ مَرْدودةٍ،
وبَنى عليها عنوانَه: " يُدَوِّنُ أَقوال كَتَبَتِه".
ولم يَنزل قولُه تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) بشأن عبدِ اللهِ بنِ سعد، لأَنه لم يَدَّعِ النبوةَ ولا الإِتيانَ بمثْلِ القرآن، وكلُّ ما فعَلَ أَنه فُتِنَ فارتَدَّ عن الإِسلام، وعادَ إِلى الكفر، وهَرَبَ إِلى مَكَّة.
ولما فَتَحَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة أَهْدَرَ دمَ مجموعةٍ من الأَعداءِ شديدي