١ - الرسول المزمل المدثر:
قالَ الله - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) .
والمُزَّمِّلُ هو المتَغَطي بثيابِه.
ونقلَ عن تفسرِ البيضاوي معاني الآيات الأولى من السورة.
وقال - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) .
والمُدَّثِّرُ هو المتَغَطّي بثجابِه أَيْضاً، ونقلَ عن تفسيرِ البيضاوي معاني آياتِ السورة.
ومع تحفُّظِنا على بعضِ ما وَرَدَ في تفسيرِ البيضاوي، من رواياتٍ وأَخبارٍ
غيرِ دقيقة، أَو مرجوحة، إِلّا أَنّنا لن نتوقَّف معها، وننتقلُ مع الفادي المفتري
لنرصدَ شبهاته واتهاماتِه وافتراءاتِه.
٢ - هل صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - صورة السكران؟ :
قال الفادي المفترِي: " جاءَ في الأَحاديث الصحيحة أَنَّه إِذا نَزَلَ عليه
الوحْيُ يُغْشى عليه، لتغيُّره تَغَيُّراً شديداً، حتى تصيرَ صورَتُه كصورةِ السَّكْران.
وقال علماءُ المسلمين: إِنه كانَ يُؤْخَذُ من الدنيا ".
وفي هذا الكلامِ مُغالطاتٌ وافتراءات، أَطْلقَهَا الفادي المجرمُ ضدَّ
رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ونَسَبَها لعلماءِ المسلمين.
أَمّا أَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَأَثَّرُ بالوَحْي، وأَنه كانَ يُغْشى عليه من ثقَلِ الوَحْي، فهو صحيح.
وهذا ما وَرَدَ في الأَحاديثِ الصحيحة.
ونكتفي من هذه الأَحاديث بالحديثِ الثاني من صحيحِ البخاري، حيثُ
روى البخاريُّ عن عائشة - رضي الله عنها -: أَن الحارثَ بنَ هشام - رضي الله عنه - سأَلَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ الله، كيفَ يَأتيك الوَحْي؟
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحْياناً يأْتِيني مثل صَلصلة الجَرَسِ، وهو أشَدُّه علَيَّ، فيفصمُ عني وقد وَعَيْتُ عنه ما قالَ، وأحْيَاناً يتمثَّلُ لي المَلَكُ رَجُلاً فيكَلِّمُني، فأعي ما يقول ".
قالَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - " ولقد رأيْتُه يَنزِلُ عليه الوحْيُ في اليومِ الشَّديدِ البَرْدِ، وإِنَّ جبينَه ليتفَصَّدُ عَرَقاً ".