(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) .
تتحدَّثُ الآيتانِ عن رجلٍ عاشر امرأَتَه، ولما حملَتْ وأَثقلَتْ وأَوشكَتْ
على الوضع، توجَّهَتْ هي وزوجُها إلى اللهِ بالدّعاء، وتَعَهَّدا بأَنَّه إِنْ آتاهما
وَلَداً صالحاً سَيَكونان من الشاكرين، فلما آتاهُما وَلَداً صالحاً جَعَلا لله شرَكاء.
وَزَعَمَ الفادي أَنَّ هذَيْن الزوجَيْن هما آدمُ وحَوّاء، ونَسَبَ هذا القولَ
للمسلمين.
قال: " قالَ مُفَسِّرو المسلمين: لما هبطَ آدمُ وحَوّاءُ إِلى الأَرض،
أُلقيت الشهوةُ في نفسِ آدم، فأَصابَ حَوّاء، فحملَتْ من ساعتِها..
فلما ثَقُلَ الحملُ وكَبُرَ الوَلَدُ أَتاها إِبليسُ..
قال البيضاوي: أَتاها إِبليسُ في صورةِ رَجُل، فقالَ لها: ما الذي في
بطنك؟
قالَتْ: ما أدري..
قال: إِنّي أَخافُ أَنْ يَكونَ بهيمةً أَو كَلْباً أو خنْزيراً!..
قالَتْ: إِنّي أخافُ بعضَ ذلك..
قال: وما يُدريكِ من أَينَ يَخرج، أَمِنْ دُبُرِكِ، أَمْ مِن فَمِك، أَو يشقُّ بطْنك فيقتلك؟ ...
فخافَتْ حَوّاء ذلك، وذكرَتْه لآدم، فلم يَزالا في غمٍّ..
ثم عادَ إِليها إِبليسُ، فقالَ لها: إِنّي من الله بمنزلة، فإِنْ دعوتُ اللهَ أَنْ
يجعلَه خَلْقاً سَوِيّاً مَثْلَك، ويُسَهِّلَ عليكِ خروجَه، تُسَمّيه عبدَ الحارث ...
وكان اسْمُ إِبليسَ في الملائكة " حارث " ...
فذكَرَتْ حَوّاءُ ذلك لآدم..
فعاوَدَها إبليس..
فلم يَزَلْ بهما حتى غَرَّهُما..
فلما وَلَدَتْ وَلَداً سَمّياهُ عبدَ الحارث..
وقال البيضاوي: في قوله: (جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) أَيْ: جَعَلا
أَولادَهما شُركاءَ في ما آتى أَولادَهما، فَسَمّوه عبد العزى وعبدَ مناف..
" وقالَ في قوله: (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) : يَعني: الأَصنام ...
ويُعلقُ الفادي على الكلامِ السابقِ بقوله: " فمن أَيْنَ جاءَتْ هذه القصةُ
الغريبة؟
وأَينَ العُزّى ومَنافُ وآلِهَةُ العربِ من آدمَ في الجنة؟
حتى تكونَ أَصنامُ