للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقياس ما ذكره النووي هنا حكمًا وتعليلًا أن يتعدى ذلك إلى الإعتاق والوصية والصدقة وسائر القرب المنجزة.

الأمر الثاني: إذا سلم ساهيًا ثم تكلم عامدًا فإن الصلاة لا تبطل كما ذكره الرافعي في كتاب الصيام في مسائل الجماع، ولم يتعرض هنا لكلام تؤخذ منه هذه المسألة، بل ذكر الجهل بتحريم الكلام، وقيده بقيد يؤخذ منه خلاف ما ذكره هناك فاعلمه.

قوله: ومنها الجهل بتحريم الكلام لما روي عن معاوية بن الحكم قال: لما رجعت من الحبشة [صليت] (١) مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعطس بعض القوم فقلت: يرحمك الله، فحدقني الناس بأبصارهم فقلت: ما شأنكم تنظرون إليَّ فضربوا بأيديهم على أفخاذهم يسكتونني فسكت، فلما فرغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يا معاوية إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن" (٢)، وهذا عذر في حق قريب العهد بالإسلام.

فإن كان بعيد العهد به بطلت صلاته لأنه مقصر بترك التعلم. انتهى كلامه.

وهو يقتضي أنه لا فرق في بعيد العهد بين أن ينشأ في بادية بعيدة أو لا، وقياس نظائره يقتضي إلحاق من نشأ في البادية المذكورة بقريب العهد، بل حكى الطبري شارح "التنبيه" وجهًا أن البعيد العهد يعذر أيضًا، إذا لم يكن ممن يخالط العلماء.

وأما "حدقني" الواقع في الحديث فهي بحاء مهملة ودال مخففة مهملة أيضًا بعدها قاف.

هكذا رواه أبو عوانة في "مسنده" (٣)، والبيهقي في "سننه"،


(١) سقط من أ.
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٧) وأبو داود (٩٣٠) والنسائي (١٢١٨) وأحمد (٢٣٨١٣).
(٣) حديث (٣١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>