وفيه مسألتان: إحداهما: يسوي القاضي بين الخصمين في الدخول عليهما والقيام لهما والنظر إليهما والاستماع وطلاقة الوجه وسائر أنواع الإكرام. انتهى كلامه.
وتعبير الرافعي في أول كلامه بقوله: في الدخول عليهما، وقع كذلك في النسخ، وهو سبق قلم وصوابه في دخولهما عليه.
قوله: ويسوى بينهما أيضًا في جواب سلامهما، فإن سلما أجابهما معًا، وإن سلم أحدهما قال الأصحاب: يصبر حتى يسلم الآخر فيجيبهما معًا، وقد يتوقف في هذا إذا طال الفصل، فإنه يمتنع من انتهاضة جوابًا. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن الأصحاب من كونه لا يسلم على الأول إلا بتقدير سلام الثاني، واقتضى كلامه عدم الوقوف على غيره حتى أبداه بحثًا عند الطول خاصة، ذكره البغوي تبعًا للقاضي الحسين فقلده فيه الرافعي متوهمًا عدم الخلاف فيه.
ثم إن النووي قلّد الرافعي في ذلك، وهو عجيب فإن الإمام قد حكى هذا عن القاضي وحده ثم ضعفه، وينبغي ذكر لفظه لغرض آخر يأتي ذكره فنقول: قال الإمام بعد باب القسمة: وإن سلم أحدهما فقد أفرط بعض الأصحاب، وقال: لا يرد جوابه بل يسكت لأن القاضي في شغل شاغل، وإن أراد قال لخصمه: سَلّم، ثم يرد جواب سلامهما، وهذا عندي سرف وإن ذكره القاضي فإن رد السلام محمول على ابتداء أحدهما به، وهذا مما لا يخفي، ولا يظهر ميلًا. هذا كلامه وهو ظاهر.