الثالث: قد سبق في الفاتحة أن السكوت الكبير في أثنائها يضر على الصحيح، فلو كان ذلك ناسيًا لم يضر كما قاله الجمهور، ونص عليه الشافعي ومال الإمام إلى أنه يضر، وتابعه الغزالي فجعل المسألة على التردد، كذا ذكره الرافعي هناك.
والمسألة نظير المسألة، ولكن الخلاف هناك غير معروف، ولهذا ادعى في "تصحيح التنبيه" أنه لا خلاف فيحتاج إلى الفرق.
قوله: ولو أشار في الصلاة إشارة مفهمة فقد أفتى الغزالى بعدم البطلان، ورأيت لوالدي وجهًا أنها تبطل. انتهى.
والأصح منهما عدم البطلان، كذا صححه الرافعي في كتاب الطلاق في الكلام على الكنايات، وعبر بالصحيح، وقال النووي في "التحقيق": إنه المذهب، وفي "شرح المهذب": إنه المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور، وصححه أيضًا هنا في "أصل الروضة" فاعلمه.
وما نقله الرافعي عن والده من البطلان جزم به القاضي حسين في "فتاويه".
الشرط الخامس: ترك الأفعال.
قوله: ما ليس من أفعال الصلاة ضربان:
أحدهما: ما هو من جنسها، فينظر إن فعله عامدًا بطلت صلاته سواء كثر أو قل كركوع وسجود ونحوهما لأنه تلاعب بالصلاة. انتهى كلامه.
وأشار بقوله: ونحوهما إلى القيام وإلى القعود الطويل، واحترز بالقعود الطويل عما إذا هوى للسجود فجلس قبل سجوده جلسة خفيفة أي لا تزيد علي مقدار جلسة الاستراحة، فإن صلاته لا تبطل كما قاله الرافعي في باب سجود السهو، ومثله ما إذا سجد للتلاوة ثم جلس للاستراحة قبل القيام.
ولو كان قائمًا فجلس ثم قام بطلت صلاته لا لعين القيام بل لكونه قطع القيام ثم عاد إليه فكأنه أتى بقومتين، قاله الإمام.