قوله: وتجب فيه الطهارة عن الحدث والخبث وستر العورة؛ لما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"الطواف بالبيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير". (١) انتهى.
وما ذكره من اشتراط الطهارة والستارة واضح عن القدرة، فإن عجز فإن كان الطواف نفلًا أو للوداع فلا شك في جوازه فعله بدونهما، وإن كان طواف الركن فيجوز للغازي لأنه لا إعادة عليه على المشهور.
وأما المتيمم والمتنجس فالقياس منعهما منه؛ لأنهما لو صليا لوجب عليهما القضاء، والطواف ملحق بالصلاة فيما يتعلق بالطهارة؛ وحينئذ فتكون إعادته واجبة عليها أيضًا، وإذا وجبت الإعادة فلا يكون في فعله -والحالة هذه- فائدة؛ لأن التحلل لا يحصل ما دام الطواف في ذمته.
والعنى الذي لأجله أوجبنا فعل الصلاة وهو حرمة الوقت مفقود هنا لأن الطواف لا آخر لوقته؛ ويؤيده أن فائدة الطهورين إذا صلى ثم قدر على التيمم بعد الوقت لا يعيد الصلاة في الحضر لما قلناه من عدم الفائدة.
وقد تعرض في "البحر" للمسألة فحكى وجهين في وجوب الإعادة ولم يزد على ذلك وهو يقتضي الجزم بالجواز ولا سبيل إلى القول به، وسيأتي
(١) أخرجه الترمذي (٩٦٠) وأبو يعلى (٢٥٩٩) والدارمي (١٨٤٧) وابن حبان (٣٨٣٦) والحاكم (١٦٨٦) و (٣٠٥٨) والطبراني في "الكبير" (١٠٩٥٥) والبيهقى في "الكبرى" (٩٠٧٤) والطحاوي في "شرح المعاني" (٣٥٤٥) وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٢٨) وابن الجارود في "المنتقى" (٤٦١) وابن عدي في "الكامل" (٥/ ٣٦٤) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا بسند صحيح.