أبو سهل محمد بن سليمان الحنفي نسبًا ثم العجلي الأصفهاني ثم النيسابوري المشهور بالصعلوكي، الإمام في الفقه والتفسير والحديث والعلوم اللغوية كلها والتصوف، الشاعر الكاتب حبر زمانه وخير أقرانه.
ولد سنة ست وتسعين ومائتين بأصفهان، ثم دخل إلى العراق سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وذلك بعد أن تبحر في العلوم، ثم درس بالبصرة سنين، ثم استدعى إلى بلدة أصفهان فأقام بها، وكان عمه الإمام أبو الطيب أحمد مقيمًا بنيسابور، فمات بها سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وكان إمامًا في الفقه والحديث، وأضر في أخر عمره، فلما نُعى إليه وعلم أن أهل أصفهان لا يمكنونه من الخروج عنهم خرج متخفيًا فورد نيسابور في رجب من السنة المذكورة على عزم الرجوع إلى أصفهان، فجلس لعزاء عمه ثلاثة أيام فحضر إليه كل رئيس ومرؤوس وقاضي ومفت من الفريقين.
فلما انقضت الأيام عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس ومجلس للنظر والوعظ عشية الأربعاء، وسأله مشايخ البلد في نقل أهله إليهم وتكرر سؤالهم في ذلك فأجابهم واستقرت به الدار، وأجمع عليه الموافقون والمخالفون، ولم يزل كذلك إلى أن توفي بنيسابور ليلة الثلاثاء الخامس عشر من ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أبو الطيب سهل الآتي ذكره عقبه، قاله النووي في "تهذيبه".
زاد ابن خلكان: أن تقديمه كان بأمر من السلطان، وأن الصلاة عليه