للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: النظر الثالث: في الواجب

قوله: فتقطع يمين السارق والسارقة قال الله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١)، وقرأ ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أيمانهما" والقراءة الشاذة تتنزل منزلة أخبار الآحاد. انتهى كلامه.

وما ذكره من تنزيلها منزلة الآحاد صحيح؛ فقد جزم به أيضًا جماعات منهم الشيخ أبو حامد في الصيام وفي الرضاع، والماوردي في الموضعين أيضًا، والقاضي أبو الطيب في موضعين من "تعليقه": أحدهما: الصيام، والثاني: في باب وجوب العمرة، والقاضي الحسين في الصيام، والمحاملي في الأيمان من كتابه المسمي "عدة المسافر وكفاية الحاضر"، وابن يونس شارح "التنبيه" في كتاب الفرائض في الكلام على ميراث الأخ للأم، ونص عليه الشافعي في موضعين من "مختصر البويطي" في باب الرضاع وفي باب تحريم الجمع، وذكر إمام الحرمين في "البرهان": أن الظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يحتج بها، فقلده فيه النووي فجزم به في "شرح مسلم" (٢) في الكلام على قوله -عليه الصلاة والسلام-: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" (٣)، وفي غيره أيضًا فاحذر ذلك.

قوله: ولو كانت اليمين شلاء فيراجع أهل الخبرة فإن قالوا لو قطعت لم يرقأ الدم قطعت الرجل، وإن قالوا يرقأ قطعت يمينه. انتهى كلامه.

اعلم أن يرقأ المذكور هنا معناه ينقطع وهو مهموز الأخير؛ تقول: منه رقأ الدم والدمع يرقأ بالفتح فيهما رقاء بالسكون ورقوء على وزن فعول. وأما يرقا بلا همز فمعناه صعد؛ يقول منه رقيت في السلم بالكسر أرقي


(١) سورة المائدة (٣٨).
(٢) شرح مسلم (٥/ ١٢٧ - ١٢٨).
(٣) أخرجه مسلم (٦٢٧) من حديث علي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>