للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الرابع: في النزاع]

قوله: ويروي أن عقبة بن الحارث نكح ثيبًا لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة وقالت: قد أرضعت عقبة والتي نكحها. قال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتيني، فركب إلي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة فسأله عن ذلك فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيف وقد قيل؟ ففارقها ونكحت زوجًا غيره (١).

قوله: ولو شهد اثنان بالرضاع وقالا تعمدنا النظر إلى الثدي لا لتحمل الشهادة لم تقبل شهادتها لأنهما فاسقان بقولهما. انتهى كلامه.

والحكم بفسقهما بالنظر مردود فإنه ليس كبيرة ولا إصرار على صغيرة، وقد اعترض النووي عليه في ذلك. فقال: قلت: مجرد النظر معصية صغيرة لا ترد الشهادة ما لم يصر عليه فاعله ويشترط أيضًا أن لا تكون ظهرت توبته بعد ذلك والله أعلم.

وكلامه يقتضي أنه إذا أصر على النظر وحده ردت شهادته، والراجح على ما ذكره هو الرافعي في كتاب الشهادات خلافه؛ فإنهم صححوا أن تكرار النوع الواحد لا يقتضي رد الشهادة، وسوف أذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

قوله: الثانية: أطلق جماعة أن الشهادة المطلقة بأن يكون بينهما رضاعًا محرمًا مقبولة.

وقال الأكثرون: لابد من التعرض للشرائط. ثم قال: ويحسن أن يفصل فيقال: إن كان المطلق فقيهًا موثوقًا بمعرفته فنقبل منه الإطلاق وإلا فلابد من التفصيل. انتهى كلامه.

وكونه فقيهًا لا يكفي بل ينبغي أن يكون فقيهًا على مذهب القاضي، وكلاهما مقلد. فلو كانا مجتهدين قال في "المطلب": ففيه نظر؛ لأنه قد يتغير اجتهاد أحدهما عند الشهادة.


(١) أخرجه البخاري (٨٨) من حديث عقبة بن الحارث - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>