الإمام حجة الإسلام زين الدين أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في حانوته، فلما احتضر أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق له صوفي صالح فعلمهما الخط وأدبهما، ثم نفد ما خلفه أبوهما، وتعذر عليهما القوت فقال: أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة.
قال الغزالي: فصرنا إلى المدرسة نطلب الفقه لتحصيل القوت فاشتغل بها مدة، ثم ارتحل إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرحان، ثم إلى إمام الحرمين بنيسابور فاشتغل عليه ولازمه حتى صار أنظر أهل زمانه، وجلس للإقراء في حياة إمامه وصنف، وكان الإمام في الظاهر يظهر التبجح به وفي الباطن عنده منه شئ لما يصدر عنه من سرعة العبارة وقوة الطبع.
وينسب إليه تصنيفان ليسا له بل وضعا عليه وهما:"السر المكتوم"، "المضنون به على غير أهله"، وينسب إليه أيضًا شعر، فمن ذلك ما نسبه إليه ابن السمعاني في "الذيل"، والعماد الأصبهاني في "الخريدة".
حلت عقارب صُدغه في خده ... قمرًا فجل به عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ... فمن العجائب كيف حلت فيه