أحدهما: لا، كما أن حكم النسخ لا يلزم المكلف قبل بلوغ الخبر.
وأصحهما: الانعزال.
ثم أجاب عن النسخ فقال: وأما النسخ فلا فرق بينه وبين ما نحن فيه، لأن حكم النسخ إما إيجاب إمتثال الأمر الثاني، وإما إخراج الأول عند الاعتداد به.
فالإيجاب لا يثبت قبل العلم لاستحالة التكليف بغير المعلوم، وهذا النوع لا يثبت في الوكالة، لأن أمر الموكل غير واجب الامتثال، والنوع الثاني ثابت هنا أيضًا قبل العلم حتى يلزمه القضاء. انتهى كلامه.
وما ذكره من أن النسخ بمعنى إخراج الأول عن الاعتداد ثابت قبل العلم حتي يجب القضاء قول ضعيف للأصوليين وجمهورهم على أنه لا يثبت حكمه إلا بعد العلم أو التمكن منه، كما لا يثبت قبل نزوله من السماء كفرض خمسين صلاة، أو بعد نزوله وقبل أن يبلغه جبريل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقد ذكرت ذلك في "شرح منهاج الأصوليين"، والدليل على ما قلناه أن أهل قباء لما أتاهم الخبر بنسخ القبلة في الصلاة استداروا، ولو كان كما يقوله الرافعي من ثبوت الحكم لكانت صلاتهم باطلة، ويلزم القضاء، وقد استدل -أعني الرافعي- في باب استقبال القبلة بقصة أهل قباء على أنه ينحرف في الصلاة عند تغير الإجتهاد إذا قلنا: لا يجب