قوله: وأصح القولين عند عامة الأصحاب: أن القاضي يقضي بعلمه، ثم قال: ولو أقر بالمدعي في مجلس قضائه قضى عليه، وذلك قضاء بإقراره لا بعلم القاضي، وإن أقر عنده بشراء، فعلى القولين في القضاء بالعلم، ومنهم من خصص القولين بما إذا علم المحكوم بنفسه وقال: هاهنا الحكم بالإقرار المعلوم لا بمجرد العلم بالمحكوم. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من جواز الحكم بالإقرار الواقع في المجلس جزمًا وأنه لا يخرج على القولين مخالف لما ذكره قبل ذلك في الأدب الخامس، فإنه جزم فيه هناك بحكاية القولين، ولم يتعرض لهذه الطريقة التي جزم بها هاهنا وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه، وذكر نحوه أيضًا في كتاب الدعاوي في الكلام عن اليمين وستعرفه.
ومخالف أيضًا لنص الشافعي في "الأم": فإنه سَوّى بين المجلس وغيره، ذكر ذلك في كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" الواقع بعد باب قطع العبد في باب الدعوى والصلح، فقال: قال الشافعي: وإذا اختصم الرجلان إلى القاضي، فأقر أحدهما عند القاضي في مجلس الحكم أو غير مجلسه. هذا لفظه.
ثم حكى بعد هذا التصوير القولين واختلاف الناس وأقام الدليل عليه.
الثاني: أن مراده بقوله: ومنهم من خصص القولين. . . . إلى آخره. أن بعضهم قال: إن الإقرار في الشركاء كالإقرار في المجلس حتى يقضي جزمًا، وقد ذكره في "الشرح الصغير" بعبارة هي أوضح من هذه، لا جرم أن النووي في "الروضة" عبر بقوله، وقيل: يقضي قطعًا.