قوله: ينعقد اليمين على المستقبل والماضي، فإن حلف على ماض كاذبًا وهو عالم فهي اليمين الغموس، سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار. انتهى.
وما اقتضاه كلامه من انعقاد يمين الغموس قد تابعه عليه في "الروضة"، وذكر ابن الصلاح في "مشكل الوسيط": أنها غير منعقدة عندنا، وأنا نوافق أبا حنيفة في عدم انعقادها، قال: ونحن نعتبر في وجوب الكفارة مجرد العقد والحنث، وقد وجد أولًا تعبير الانعقاد أي تعبير عقدها لا انعقادها، وذكر الماوردي نحوه فقال: فإذا ثبت وجوب الكفارة في اليمين الغموس ففي يمين محلولة غير منعقدة أولى، هذه عبارته.
قوله في "الروضة": ويستحب للمخاطب إبرار الحالف فإن لم يفعل وحنث الحالف لزمه الكفارة. انتهى.
والذي يلزمه الكفارة هو الحالف لا المحلوف عليه خلافًا لأحمد.
ولفظ "الروضة" موهم، وقد استدرك على الرافعي فقال: هذا إذا لم يكن في الإبرار مفسدة بأن يضمن ارتكاب محرم أو مكروه، وكلامه يقتضي: أن المستحب الذي لا يكره تركه يستحب إبرار الحالف على تركه، وليس كذلك فسيأتي في الباب الثاني أن الحلف على تركه والإقامة عليها مكروهان.
فإذا كان الأمر كذلك في حق نفسه فبطريق الأولى في حق غيره.