الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي شيخ الإسلام علمًا وعملًا وورعًا وزهدًا وتصنيفًا وإملاءً وتلاميذًا واشتغالًا، كانت الطلبة ترحل من الشرق والغرب إليه، والفتاوى تحمل في البر والبحر إلى بين يديه.
قال -رحمه الله-: لما خرجت في رسالة الخليفة إلى خراسان لم أدخل بلدا ولا قرية إلا وجدت قاضيها أو خطيبها أو مفتيها من تلاميذي، ومع هذا فكان لا يملك شيئًا من الدنيا، بلغ به الفقر حتى كان لا يجد في بعض الأوقات قوتًا ولا لباسًا ولم يحج بسبب ذلك، هذا والأمراء والوزراء بين يديه ولو أراد الحج لحملوه على الأعناق، وكان طلق الوجه دائم البشر كثير البسط حسن المجالسة يحفظ كثيرًا من الحكايات الحسنة والأشعار، وله شعر حسن ومنه:
سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حرٍ ... فإن الحر في الدنيا قليل
ولد -رحمه الله- بفيروز آباد -بكسر الفاء- وهي قرية منا قرى شيراز في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وقيل في سنة خمس، وقيل سنة ست، ونشأ بها، ثم دخل شيراز سنة عشر، وقرأ الفقه على أبي عبد الله البيضاوي وعلى ابن رامين تلميذي الداركي، ثم دخل البصرة وقرأ على الجزري، ثم دخل بغداد في شوال سنة خمس عشرة وأربعمائة فقرأ الأصول على أبي حاتم القزويني، والفقه على جماعة منهم: أبو علي الزجاجي والقاضي أبو الطيب، كان له ابن استخلفه في حلقته كما سيأتي