للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

ينبغي للواقف على ما ذكرته في كتابي هذا من النكت العجبية، والأمور [الغريبة] (١) الواقعة في الكتابين المذكورين أن لا يكفيه مجرد التأخر في الزمن بالإعراض عن هذه الأعمال، والاعتراض على القدح فيما يكفى بالقبول والإقبال، فلله در القائل: اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال، وينبغي أيضًا أن يتحيل في إقامة العذر لمن ألفهما، ولا يتخيل أن في ذلك نقصا من قدرهما، فإن طبع الإنسان على السهو والنسيان ولا يتصور عادة -خصوصًا مع طول التصنيف- أن يسلم مصنفه من الخطأ والتحريف، والوقوع في مخالفة الأولى والحود عن الطريقة المثلى، فكل مأخوذ من قوله ومتروك، ألا والسعيد من انعدت غلطاته، وانحصرت سقطاته وقيض له من تدارك زَلَلَهُ، وأصلح خلله أصلح الله أعمالنا وأنجح آمالنا بمنه وكرمه.

وإذا تأمل المنصف هذا التصنيف، وأمعن النظر في هذا [التأليف] (٢) حكم بأنه ينظم الكتابين كالقوافي، وأن هذا الثالث هو ثالث الآثافي.

هذا وربما تأمله بعض أبناء الوقت ممن ركبه الخزي والمقت والحسد واتخذ إلهه هواه وشيطانه مولاه، وألبسه الله رداء الحسد وسربال الشقاوة وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فنظر إليه بطرف خفى وصم عن إدراك ما فيه وعمى، أو استتبع فيه بصره، وأوسع فكره فحقق خبره، وعلم قدره فعدل سرًا إليه، ولكن أماله حسده فعدل جهرًا عليه كما قد وقع في الكتاب الأول الموضوع لبعض هذه الأنواع المسمى "بالجواهر" زاعما في ذلك استكشاف غوره، أو استتباع عثره، مرشدًا إلى التوقف عن التوغل فيه والغول، ومكنونه مفهوم فى لحن القول، فلم يكن ذلك مانعًا أن شفع بالثاني الأول، ولا قاطعًا ما أمر الله به أن يوصل، وإذ حان


(١) في أ: الباب.
(٢) زيادة من جـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>