للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الحج]

قوله: فمن حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يلزمه الحج خلافًا لأبي حنيفه.

ومأخذ الخلاف أن الردة عنده تحبط العمل، وعندنا إنما تحبط بشرط أن يموت عليها قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١).

انتهى ما قاله -رحمه الله-، والكلام معه متوقف على إيضاح ما ذكره فلنوضحه فنقول: كلامه فيه أمران:

أحدهما: أن أبا حنيفة قد استدل على الإحباط بمجرد الردة لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٢)، ونحو ذلك كقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) وأجاب الأصحاب بما ذكره الرافعي؛ وهو أنه قد ورد تقييد ذلك في الآية المتقدمة بالموت على الكفر حيث قال تعالى: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} (٤)، والمطلق محمول على المقيد.

إذا تقرر ذلك فلك أن تقول: كيف يصح حمل المطلق على المقيد هنا مع اختلاف المحكوم به؛ لأن المحكوم به في تلك الآية من جملته الخلود في النار وذلك خاص بمن مات على الكفر -والعياذ بالله تعالى- بخلاف


(١) سورة البقرة: ٢١٧.
(٢) سورة المائدة: ٥.
(٣) سورة الزمر: ٦٥.
(٤) سورة البقرة: ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>