قوله: اعلم أن في تقدير الكفارة والفطر وغيرهما نوع إشكال، وذلك أن الصيدلاني وغيره من الأئمة ذكروا أن الاعتبار في ذلك بالكيل دون الوزن وأرادوا به أن المقدار الذي يحويه الصاع يختلف وزنه باختلاف جنس المكيل ثقلًا وخفة، فالبر أثقل من الشعير، وأنواع البر أيضًا قد تختلف أوزانها، فالواجب الذي يحويه المكيال بالغًا وزنه ما بلغ، وذكر بعضهم أن الذي قيل في وزن الصاع على ما قدمنا في زكاة الفطر كأنه اعتبر فيه البر أو التمر، وقضية هذا الكلام أن يجزئ من الشعير ما هو دون ذلك المقدار في الوزن إذا كان مليء الصاع، لكن اشتهر عن أبي عبيد القاسم بن سلام، ثم عن ابن سريج أن درهم الشريعة خمسون حبة وخمسا حبة، ويسمى ذلك درهم الكيل لأن الرطل الشرعي منه يركب، ويركب من الرطل المد، ومن المد الصاع.
وذكر الفقيه أبو محمد عبد الحق بن أبي بكر بن عطية أن الحبة التي يتركب منها الدرهم هي حبة الشعير المتوسطة التي لم تقشر وقطع من طرفها ما امتد.
وقضية هذا أن يحوي الصاع هذا المقدار من الشعير، وحينئذ فإن اعتبر الوزن لم يملأ أكثر بهذا الوزن الصاع، ولم ينتظم القول بأن الواجب ما يحويه المكيال، وإن اعتبر الكيل كان ما يحوي من البر أكثر مما يحوي من الشعير بالوزن. انتهى.
زاد النووي فقال: قلت: هذا الإشكال وجوابه قد أوضحته في باب زكاة المعشرات، والله أعلم.