وذكر نحوه الغزالي في "البسيط" فقال: أفرط بعض الأصحاب فقال: لا يجبه إلى أن يُسَلِّم الآخر، ثم قال: وهذا بعيد وعذره في الجواب بين، وصححه أيضًا في "الوسيط"، وحكى الماوردي ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يرد السلام عليه وحده في الحال.
والثاني: بعد الحكم.
والثالث: يرده في الحال عليهما.
ولم يحك ما عزاه الرافعي إلى الأصحاب وجهًا بالكلية، وذكر مثله الروياني في "البحر" والشاشي في "الحلية" وصاحب "الذخائر" والعراقي شارح "المهذب" وابن يونس في "شرح التنبيه" وحكى كثير من هؤلاء وجهًا آخرًا: أنه لا يجب الرد أصلًا لأن شغل القاضي مانع من مشروعية السلام.
وحكى الروياني أيضًا عن القفال: أنه صحح الرد على أحدهما عقب سلامه، وجزم به أيضًا أبو الطيب في أوائل كتاب أدب القضاء من تعليقته في أثناء مسألة أولها: قال الشافعي وأحب أن يقضي في موضع بارز.
وعبر الطبري في "العدة" بما يدل عليه لمن تأمله فقال: ينبغي أن يسوي بينهما في رد السلام. هذه عبارته.
وذكر مثلها الغزالي في "الوجيز" ومدلولها: أنهما إذا سلما فليس له أن يرد على أحدهما ويمتنع من الرد على الآخر، وحكى ابن أبي الدم في "أدب القضاء" وجهين من غير ترجيح في المسألة، وأجراهما أيضًا في ما إذا سبق وسلم قبل دخول الآخر بالكلية، وسكت عن التصريح بالمسألة جماعة كثيرون منهم الدارمي في "الاستذكار" والشيخ في "المهذب" وأبو نصر البندنيجي صاحب "المعتمد" والجرجاني في "الشافي" والخوارزمي في "الكافي" والعمراني في "البيان" وابن عصرون في "المرشد" وغيرهم.