فتلخص أن ما قاله الرافعي من إسناد ذلك إلى الأصحاب غلط محض أوقعه فيه جزم صاحب "التهذيب".
الأمر الثاني: أن ما ذكراه في هذه المسألة لا يوافق ما جزم به في كتاب السير، فقد قالا هناك: إن ابتداء السلام سُنّة على الكفاية، فإذا حضر جماعة وسلّم أحدهم كفى ذلك عن سلام الباقين.
قوله في المسألة: وذكروا أي الأصحاب أنه لا بأس أن يقول للأخر: سَلِّم، فإذا سَلَّم أجابهما، وفي هذا اشتغال منه بغير الجواب، ومثله بقطع الجواب عن الخطاب. انتهى كلامه.
واعلم أنه قد ذكر في كتاب "السير": أنه يجب أن يكون رد السلام متصلًا به الاتصال المشروط بين الإيجاب والقبول في العقود، وقد اختلفوا في اللفظ اليسير الفاصل بينهما هل يضر أم لا؟ على وجهين، واختلف كلامهم في الراجح منهما كما أوضحته في الكلام على أركان النكاح فراجعه، وهذه الصورة فرد من أفراد ذلك فيأتي فيها ما سبق هناك فاعلمه.
قوله أيضًا في المسألة: وحكى الإمام أنهم -أي: الأصحاب- جوزوا للقاضي ترك الجواب مطلقًا واستبعده. انتهى كلامه.
وما ذكره من كون الإمام نقله عن الأصحاب وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا غلط، فإن الإمام إنما نقله عن بعضهم وقد تقدم ذكر لفظه.
قوله: فإن كان أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا فوجهان:
أصحهما وهو ما أورده العراقيون: أنه يرفع المسلم في المجلس.
والثاني: يسوي.
ويمكن أن يجري الوجهان في سائر وجوه الإكرام. انتهى.