"شرح المهذب" و"التحقيق" أنه حرام وكأنه تمسك بظاهر لفظ الحديث.
المسألة الثانية: غرس الشجر في المسجد والحكم بكراهته، قد رأيته أيضًا في "شرح الكفاية" للصيمري وهو مشكل، بل ينبغي تحريمه، فإن البقعة مستحقة للصلاة، وقد صحح الرافعي في الصلح أنه يحرم غرس شجرة أو نصب دكة في الطريق الواسع وتبعه هو عليه -أعني: النووي- وعلله الرافعي بأن الموضع مستحق للمشي، وقد أشغله، وهذا بعينه موجود هنا.
وقد جزم البغوي في "فتاويه" بتحريم الغرس كما ذكرته بحثًا، ذكر ذلك في كتاب الوقف، وجزم به أيضًا القاضي الحسين في "تعليقه" في أواخر باب الصلاة بالنجاسة فقال: فرع: لا يجوز للرجل أن يغرس في المسجد غرسًا، ولا أن يحفر فيه بئرًا أو حوضًا، ولا أن يبني فيه منارة، ولا أن يضرب فيه اللبنات ويضعها في زاوية منه، أو يجمع الحشيش في موضع منه لأن هذه الأشياء تشغل موضع الصلاة، وقيل: إن اتخاذ المنارة أخف لأنه يمكن الصلاة على رأس المنارة بخلاف حفر البئر، ونحوه.
وهكذا لا يجوز الاستطراق في المسجد من غير غرض صحيح له فيه، ولو اتخذ سردابًا تحت المسجد ليسكن فيه من حر الشمس جاز، لأنه يمكن الصلاة فيه. هذا كلام القاضي الحسين.
وهو مشتمل على نفائس وهو الصواب.
ثم إن ما ذكره إنما يتخيل عند فقدان الضيق، فإن ضيق على المصلين فلا سبيل إلى غير التحريم وقد ذكر ذلك في الباب الرابع في موجب الدية مع تفصيل آخر يخالف المذكور هنا، فإنه تكلم أولًا على الحفر في الشارع فذكر ما حاصله أن الحفر فيه يمتنع عند الضرر مطلقًا، فإن لم يضر جاز لمصلحة عامة سواء أذن الإمام أم لم يأذن، ويجوز لفرض نفسه بإذن الإمام،