فإن قرأ سورة "ص" فإن سجدتها عندنا سجدة شكر، فهل يسجد في الصلاة؟ وجهان:
أحدهما: يسجد، أن سببها وجد في الصلاة.
والثاني: لا يسجد، لأنها سجدة شكر وليست متعلقة بالتلاوة، وإنما يوجد سببها عند التلاوة، فلم يسجدها في الصلاة كسائر سجود الشكر. هذا لفظه بحروفه.
وحاصل الخلاف الذي فيه هو الخلاف المعروف في أنه هل يسجد في الصلاة لقراءة "ص"، وأن في قوله:"فإنَّ سجدتها عندنا سجدة شكر" هي "إنَّ" الناصبة للاسم الرافعة للخبر، واعترض بهذه الجملة بين الشروط وهو قوله:"فإن قرأ سورة ص"، وبين الجزاء وهو قوله:"فهل يسجد. . . ." إلى آخره.
واقتضى كلام النووي أنه خلاف غير ذلك الخلاف [ولهذا ذكره](١) من "زوائده" بعد ذكره له في الأصل، وليس كذلك، وأن ذلك يطرد في آيات السجود جميعها وهو غير معقول، وأن محله في ما إذا قرأ بقصد السجود.
وقد تقدم من كلامه هو أنه لا نقل في مثل ذلك.
نعم إن كان مراده، فلو قرأ آية سجدة للشكر ليسجد بها -أى: وتلك الآية هي ص- خاصة فأخر لفظ الشكر، فإنه محتمل على بُعْدهِ لفظًا ومعنى، ولكنه فاسد من جهة أن ذلك الخلاف ليس خاصًا بما إذا قرأ بقصد السجود.
وسبب هذا الغلط الذي وقع للنووي هو نقله من "البيان" فإنه قال: وإن كان في الصلاة لم يسجد لأن سبب السجدة ليس منها، فإن قرأ فيها