وأول مهمة تُجابه المحقق هي مدى صحة المخطوطة من حيث نسبتها إلى مؤلفها، ومدى صحة العنوان وانطباقه على موضوع الكتاب، واسم المؤلف ونسبة الكتاب إليه، وكثيرًا ما يَحدث أن مَخطوطًا كتب عليه اسم لا ينطبق على موضوعه، أو مَخطوطًا كتب عليه اسم غير مؤلفه، سواء أحصل ذلك عن جهل وغفلة أم عن قصد خبيث، فإن من الناس من تسول له نفسه بمحو اسم الكتاب واستبداله باسم آخر، واستبدال اسم المؤلف باسم مؤلف آخر، وقد يقع مَخطوط خالٍ من اسم الكتاب واسم المؤلف، فيأتي من يضع له اسمًا بِحسب ما يراه صوابًا.
أمَّا بالنسبة لعنوان المخطوط، فقد يَحدث أن تسقط الورقة الأولَى، أو أن عنوان الكتاب ينطمس، إمَّا لرداءة الخط أو أثر الماء والرطوبة وانسياح الحبر، أو بفعل الأرضة أو العثَّة، أو بدافع التزوير، كما سبق، فيحتاج المحقق في هذه الْحَالة إلى الرجوع إلى فهارس المخطوطات لِمعرفة المخطوطات ذوات الموضوع المشابه، ومقارنة نصوصها بنصوص المخطوطة، والرجوع إلى ترجمة المؤلف لِمعرفة كتبه، ومن ثم دراسة أسلوبه في مؤلفاته الأخرى، وقد يَجد نصوصًا من الكتاب مضمنة في كتب أخرى، ولا شك أن معرفة اسم المؤلف تيسر الأمر، وتهدي إلى معرفة مؤلفاته وأسلوبه، وإذا كان انطماس العنوان جزئيًا، فإنه يساعد كذلك في معرفة المخطوط من خلال الكتب التي فيها شبه بما تبقى من العنوان.
وإذا كان اسم الكتاب واضحًا واسم الكاتب مفقودًا، فإن الوصول إليه يكون عن طريق معرفة الكتب المشتركة بالعنوان نفسه، ومن ثَم معرفة زمن الكتاب من خلال شيوخ المؤلف وتلامذته، والأحداث التي تدل على الاشخاص، وعلى أزمان الأحداث، ومن الممكن الوصول إلى شخصية المؤلف من خلال المادة العلمية للكتاب، وما فيها من دلالات على