للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كله على القول بأنها سنة.

فإن قلنا: إنها فرض، فينبني على سقوطه بإقامتها في البيوت.

وقد يقال: محل ذلك الخلاف عند إمكان فعلها في المسجد، فإن تعذر وجبت إقامتها في البيوت قطعًا لأنه القدر المستطاع.

الأمر الثالث: في بيان المراد بكون هذه الأمور مرخصة هل معناه حصول الفضيلة أم سقوط الطلب خاصة؟ وقد اختلفوا فقال النووي في "شرح المهذب": وهذه الأعذار إنما هي مرخصة للترك، وأما فضيلة الجماعة فلا تحصل له بلا شك، وإن تركها لعذر. هذا كلامه.

وقال الروياني في "التلخيص": تحصل له الفضيلة إذا كان قصده الجماعة لولا العذر.

ونقله عنه في "الكفاية" ووافقه، ونقله في "البحر" عن القفال وارتضاه، وجزم به أيضًا الماوردي في "الحاوي" فقال: صلاة المريض منفردًا كصلاة الصحيح جماعة في الفضل، وكذلك الغزالي في "الخلاصة" فقال: وينال الفضل بالجماعة في البيت وبعذر المطر والمرض.

قال في "الكفاية": ويشهد له ما رواه أبو داوود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا" (١) وأخرجه النسائي أيضًا.

قلت: وهذا هو الحق ففي صحيح البخاري أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا" (٢).

وقد ذكر الرافعي في باب كيفية الصلاة في فضل القيام: أن من صلى


(١) أخرجه أبو داود (٥٦٤) والنسائي (٨٥٥) وأحمد (٨٩٣٤) والبيهقي في "الشعب" (٢٨٩٤) وفي "الكبرى" (٤٧٨٩) وعبد بن حميد (١٤٥٥) والحاكم (٧٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٣٤) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>