للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحهما: أن ذلك لا يضر كما لو كانا في سفينتين. انتهى كلامه.

والتعبير بالشارع المطروق ذكره أيضًا في "الروضة" مع أن الشارع لا يكون إلا مطروقًا، وحينئذ فيسأل عن مراده بهذا التقييد.

والجواب: [أنه] (١) أراد كثير الطروق كما هو المفهوم منه في العرف؛ وإن كان نادر الطروق لم يضر جزمًا.

وقد صرح به إمام الحرمين فقال بعد حكاية الوجه بأنه يضر ما نصه: وهذا [مزيف] (٢) لا أرى له وجهًا إلا أن الصائر إليه في الظن اعتقد أن الشارع قد تطرقه رفاق في أثناء الصلاة، وينتهي الأمر إلى حالة تعسر فيها المتابعة بوقوع الحيلولة عن الإطلاع على أحوال الإمام، وهذا لا أصل له. ثم إن لم يكن من ذكر ذلك بد على بعده وضعفه، فهو في شارع يغلب طروقه. هذا كلام "النهاية".

قوله: وذكر الغزالي في "الوجيز" أن المعتبر في الفضاء التقارب بقدر غلوة سهم يسمع فيها صوت الإمام، ثم قال: وسماع صوت الإمام ليس لاشتراط ذلك في الصلاة، وإنما هو إشارة إلى أن القدر المذكور يبلغ فيه صوت الإمام إذا جهر لتبليغ المأمومين الجهر المعتاد في مثله. وإذا كان كذلك كانا مجتمعين متواصلين، فلذلك قدم القرب به. انتهى كلامه.

وهذا الذي ذكره في شرح كلام الغزالي ليس مراده، وإنما أراد أمرًا ذكره إمام الحرمين احتمالًا لنفسه لم يقل به أحد فجزم به الغزالي، فإنه بعد حكاية الثلاث مائة ذراع قال ما نصه: وكنت أود لو قال قائل من أئمة المذهب يرعى [في] (٣) التواصل مسافة يبلغ فيها صوت الإمام المقتدى لو رفع صوته قاصدًا به تبليغًا على الحد المعهود في مثله.

هذا لفظ "النهاية".

فعبر الغزالي عن تعبير الإمام بمسافة فقوله: "غلوة سهم" أي: رمية


(١) سقط من أ.
(٢) في أ: فريق.
(٣) سقط من جـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>