للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مخالفته للنقل فإنك لا تجد إلا إطلاق القولين في السامعين ووجهين في حق غيرهم. انتهى ملخصًا.

وما استند إليه في إبطال كلام الغزالي من المعنى، والنقل قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو غريب باطل.

أما الأول: وهو فساد ما أبطل به من جهة المعنى فإن الغزالي لم يوجب السكوت على أربعين منهم على التعيين، بل أوجب سكوت أربعين من الحاضرين، وهو أمر معقول كفروض الكفايات كلها، وحينئذ فإن سكتوا ولا كلام، وإلا أتم المتكلمون كلهم.

وأما الثاني: وهو دعواه أنه مخالف لما نقلوه وأنك لا تجد ذلك فغريب جدًا، فقد صرح به الإمام في "النهاية" مع أن استمداد كلام المنكر وهو الرافعي، والمنكر عليه وهو الغزالي منهم غالبًا فقال بعد فراغه مما قاله الناس: والآن قد حان [أن] (١) ننبه على حقيقة المسألة فنقول: كان شيخي وغيره يجعلون الخلاف في وجوب الإنصات خلافًا في وجوب الإسماع، وأنا أقول: من أنكر وجوب الاستماع والإصغاء فليس معه من حقيقة هذه القاعدة شئ، فيجب القطع على مذهب الشافعي بالوجوب، ولو جاز ترك ذلك لما كان في إيجاب حضور أربعين من أهل الكمال معنى وفائدة.

ولو وجب أن يحضروا ويثابوا والإمام رافع صوته، ولا يعتقده ذو بصيرة فيجب القطع بإصغاء أربعين وإسماع الإمام إياهم، وإلا كان قطعًا بمثابة ما لو لم يحضروا، وإذا كان كذلك فنقول: إذا اجتمع في بلده من أهل الكمال مائة ألف مثلًا فيجب الاستماع من أربعين منهم لا بأعيانهم، وفي الباقي ممن أمكن الاستماع منه القولان، ثم قال أيضًا: فنقول: لو تكلم الجميع على وجه انقطعوا به عن السماع خرجوا قطعًا بترك فرض الكفاية، و [لم] (٢) تتعطل الخطبة، وإن سمعها أربعين صحت الجمعة.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>