الجمعة لا تصح صلاته على الجديد، ثم قال: فإن قلنا بالقديم فصلى الجمعة ففي الفرض طريقان:
أحدهما: أنه أحدهما لا بعينه ويحتسب الله بما شاء منهما.
والطريق الثاني: فيه أربعة أقوال:
أحدها: الفرض الظهر.
الثاني: الجمعة.
الثالث: كلاهما.
والرابع: أحدهما لا بعينه. انتهى.
والصحيح هو القول الرابع، فقد قال الرافعي في "الشرح الصغير": هو الذي أورده أكثرهم، وهو مقتضى كلامه في "الكبير" أيضًا فاعلمه، فإن الرافعي نقل هذه الأقوال عن الشيخ أبي محمد، ثم قال: والذي أورده ابن الصباغ وغيره هو الرابع، فدل على أنه المشهور.
قوله في المسألة المذكورة أيضًا: فإن صلى الظهر بعد فوات الجمعة وقبل سلام الإمام فقال ابن الصباغ: ظاهر كلام الشافعي -يعني في الجديد- بطلانها، ومن أصحابنا من يقول بالجواز. انتهى.
والأصح هو الأول، كذا قاله النووي في "شرح المهذب" قال: لأنه لم يتحقق فواتها لجواز بطلانها، وقياس ما قاله وجوب الإحرام بالجمعة، وإذا ترك الإحرام حتى سلم الإمام فالقياس وجوب الظهر على الفور.
وإن كانت أداءًا لأنه عصى بتأخير الجمعة فأشبه العصيان بخروج الوقت، وفيما قاله إشكال.
فقد صرح في كتبه بأن من يرجى زوال عذره إنما يستحب له التأخير إلى الفوات لا إلى الفراغ، واستحباب التأخير هنا هو نظير وجوب التأخير هناك. وقد يصرف بأن الجمعة لما كانت واجبة على الأول لم يرفع هذا الوجوب إلا باليقين احتياطًا.