هكذا ذكر هذين الجوابين أبو إسحاق المروزي، والشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وسائر الأصحاب، وفيه تصريح منهم بأنه لو صلاها ركعتين كسنة الظهر، ونحوها صحت صلاته للكسوف، وكان تاركًا للأفضل. هذا كلامه في "شرح المهذب" وهو تباين فاحش.
نعم الأصحاب مختلفون في ذلك، وممن منعه القاضي الحسين، وممن جوزه الجرجاني في "تحريره".
قوله: فلو تمادى الكسوف فهل يجوز أن يزيد ركوعًا ثالثًا ورابعًا وخامسًا حتى تنجلي؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم لأنه ورد أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات (١)، وروى خمسة ولا يحمل له إلا التمادي.
وأظهرهما: المنع، كما لا تجوز الزيادة في سائر الصلوات. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن اقتصاره على الخمسة ذكر مثله في "الروضة" أيضًا، ومقتضاه المنع في ما عداها جزمًا، ويؤيده أنها وردت دون ما زاد كما سبق الآن، والصلاة المذكورة على خلاف القياس، فلا يتعدى بها ما ورد، وتعبير الرافعي بقوله: حتى تنجلي لا ينافي المنع في ما زاد على الخمس، كما أن علة أصل الصلاة هو الانجلاء مع قولنا: لا تجوز الزيادة.
وذكر في "الكفايهّ" ما يقتضي عدم الحصر، فإنه قال: هل يجوز أن يزيد في كل ركعة قيامًا وركوعًا فأكثر؟ هذه عبارته؛ والأول أوجه.
الأمر الثاني: أن تعليل الزيادة بتمادى الكسوف إنما يتجه في الركعة الثانية، وأما الأولى فكيف يعدم فيها التمادي بعد فراغ الركعتين، ولعل صورته أن يكون من أهل هذا العلم، واقتضى حساب علمه ذلك.
(١) أخرجه البخاري (٩٩٩) ومسلم (٩٠١) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.