وعبر في "المجرد" بنحو عبارة البندنيجي فقال: وليس في إخراجها استحباب، فإن فعل فلا بأس، والقاضي أبو الطيب في تعليقه، وحكاه عن الأصحاب، وعن نص الشافعي، والماوردي في "الحاوي" فقال: نص عليه الشافعي، وقال به سائر أصحابنا إلا ابن أبي هريرة، ومنهم الشيخ في "المهذب"، وهو مقتضى كلامه، وفي "التنبيه" أيضًا وابن الصباغ والمتولي في "التتمة" وأبو عبد الله الحسين الطبري في "العدة" والروياني في "البحر" والشاشي في "الحلية" ناقلين له عن النص أيضًا، والجرجاني في "الشافي" وذكر في "البحر" نحوه أيضًا، والخوارزمي في "الكافي" ونقله أيضًا عن النص، وأبو نصر البندنيجي في كتاب "المعتمد"، والعمراني في "البيان"، واقتضاه أيضًا كلام ابن أبي هريرة في "شرح المختصر" الذي علقه عنه أبو علي الطبري، فإنه استحب إخراج الشيوخ والعجائز والصبيان، واقتصر على ذلك.
وصنع مثله أبو على الزجاجي في "التهذيب" والشيخ نصر في كتابه المسمى "بالمقصود".
فهذه نقول الأصحاب متظافرة بعدم الاستحباب على تصريح كثير منهم بالكراهة كما سبقت الإشارة إليه، والقائلون بالاستحباب بالنسبة إليهم في غاية القلة، ولو تساووا لرجحنا بنص إمام المذهب بل يجب المصير إلى النص، ولو كان المخالفون له أكثر، فكيف عند القلة، وكلام النووي هنا في "شرح المهذب" في غاية الاقتصاد أيضًا، ولا شك أن الرافعي والنووي لو اطلعا على هذه النقول لم يذكرا ما ذكراه، إلا أن أكثر هذه الكتب لم يقفا عليها، ومن استقرأ كلامهما وتأمل الكتب التي ينقلان عنها قطع بذلك واعترف به إن كان منصفًا، وأما المعاند أو من لا اطلاع له، المقلد لما يسمعه أو لبعض ما يقف عليه المستريح من مشقة التعب فلا كلام معه، ولله الحمد على التوفيق للصواب.