للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنووي هناك يشكل على ما جزما به في كتاب النفقات من أنه لا يجوز الاقتصار في كسوة العبد على ساتر العورة، وإن كان لا يتأذى بالحر والبرد، وعلله الرافعي بقوله: لأن ذلك يعد تحقيرًا وإذلالًا، فإذا امتنع ذلك في الحي الرقيق فامتناعه في الميت الحر بطريق الأولى لأن الناس يتكلفون للميت ما لا يتكلفون للحي، ويعدون ترك [ذلك] (١) إزراء بالميت لكونه خاتمة أمره.

الأمر الثاني: أن تقييده الاختلاف المتقدم بالذكورة والأنوثة يشعر بأن الاختلاف في الرق والحرية لا أثر له حتى يستوى كفن الحرة والأمة، قال ابن الرفعة في "الكفاية": وهذه المسألة سكت عنها الأصحاب.

قال: والظاهر أنه لا فرق بين الحرة والأمة لأن الرق يزول بالموت؛ والذي قاله من التسوية ظاهر، وما ادعاه من كون الرق يزول بالموت والذي قاله قد صرح به الرافعي في كتاب الإيمان في الباب الثاني المعقود للكفارة، غير أن النووي قد ذكر في "شرح المهذب" كلامًا يشعر بعدم التسوية فإنه قال: والأصح أن الواجب هو ساتر العورة وهو جميع بدن الحرة إلا وجهها وكفيها.

فانظر كيف قيد التعميم بكونها حرة، إلا أن يقال: إن الأمة لا تخرج عن كلامه لأنها بعد الموت حرة كما قلناه، غير أنه على هذا التقدير لا يبقى معنا شئ خط يخرج بهذا التقييد، ورأيت في "شرح التلخيص" للشيخ أبي علي السنجي الجزم بأن الرق لا يزول بالموت يقال ما نصه: لأن السيد يغسل أمته ومدبرته أم ولده إذا متن لا يختلف أصحابنا فيه لأنهن متن في ملكه فيستبيح غسلهن بعد الموت كما كان يستبيح في حال الحياة، والدليل على بقاء الملك بعد الموت أن على السيد الكفن ومؤنة القبر. هذا لفظه


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>