المتولي قبل هذه المسألة متصلًا بها، فإنه جزم كما جزم غيره بأن الإمام يخير الممتنع عن الزكاة، واختلفوا في علته فقيل: لأن الزكوات كلها كانت تحمل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإلى خلفائه إلا أن عثمان فوض ذلك إلى أرباب الأموال، فإذا ظهر منهم التقصير كان له أن يطالب وقيل: لأنها حق الله تعالى، والإمام نائبه.
فإذا علم الترك طالبه بها كما يطالب بالصلاة عند الامتناع، ثم قال: فإن قلنا بالأول لم يطالب بالنذور والكفارات، وإن قلنا بالثاني طالب.
واعلم أن الخلاف فيهما قد حكاه الرافعي في آخر باب الظهار على كيفية أخرى، وهو صحة قبضه برضى من عليه، وإطلاق الخلاف هنا إنما يصح إذا كانا على الفور، فتفطن له.
قوله: وأيضًا فإن الزكاة تجري فيها النيابة، وإن لم يكن النائب من أهلها. انتهى.
هذا التعليل لم يذكره النووي في "الروضة" ويؤخذ منه جواز توكيل الكافر في تفرقه الزكاة، والأمر كذلك فقد صرح بجوازه القاضي الحسين في "تعليقه"، والبغوي في "التهذيب" والروياني في "الحلية" و"البحر"، والرافعي في كتاب الأضحية في الكلام على توكيل الكافر في ذبحها، وحذفه أيضًا هناك من "الروضة"، ونقله النووي في "شرح المهذب" عن "التهذيب" فقط وأقره.
لكن جواز ذلك ليس على إطلاقه، بل شرطه تعيين المدفوع إليه. كذا صرح به الروياني في "الحلية" وهو متعين لأن التوكيل في هذه الحالة مجرد إعانة واستخدام بخلاف ما إذا لم يعين، فإن فيه ولاية الإعطاء لمن شاء والمنع لمن شاء فيمتنع.